Al Jazirah NewsPaper Tuesday  14/09/2010 G Issue 13865
الثلاثاء 05 شوال 1431   العدد  13865
 
لا لمن يسيء للوطن
محمد إبراهيم فايع

 

على خلفية ما جاء في المقابلة في القناة الأمريكية mtv مع بعض شباب ينتمون لهذا الوطن الغالي علينا، وما ذكرته الإذاعة الألمانية عن موجة من المعاكسات تسود أحد المراكز التجارية الكبرى وأنها تدور برضا من الجنسين، وأنها نتاج لما يعيشونه من كبت، فقد ساءني الجهل بمفهوم الحرية لدى بعضنا - مع الأسف - وهو مفهوم خاطئ ويتكرر هذا الخطأ كلما وجد من يمرره ويقبل كل أساليب التعبير التي تنطلق من معنى غير مسؤول (أنا حر فيما أقول).

والحقيقة أن المرء حر حينما يعبر عن نفسه فيما يملك وكما يقال: «تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية غيرك»، وليس للمرء أن ينوب عن الآخرين فيما يعبر ويتحدث باسم الوطن، وكأن سكان الوطن قد أوكلوه نيابة عن الجميع بأن يتحدث عنهم، خاصة حينما تأتي مفردات التعبير عن الرأي بصيغة الجمع (نحن، كلنا، نرى، نعاني، نحب، نكره، جميعنا). والحرية التي تصل إلى حد الاعتداء على حريات الآخرين أو على الوطن أو تعاليم الدين أو تتناول القيم المجتمعية من قبل أناس بعضهم لم يبلغ الحلم من العقل والتفكير ولم يشب عن الطوق، فهي حرية مرفوضة شكلا ومضمونا ويفترض ألا يشعر من يتواصل مع القنوات الأجنبية بأن ما يعبر به مقبولا ولا يجب أن نقبل منه الإساءة للوطن ونكتفي بالفرجة على أي أحد ونقول: «هو حر فيما عبر به»، خاصة إذا كان تعبيره يمس تعاليم الدين أو قيم الوطن ويتعرض لثوابته إلى درجة الانسلاخ من قيمه التي يتمناها الغرب المتحضر، في حين نحن نتخلى عنها بسهولة وكأن هذا منتهى» المدنية والتحضر» والوطن ملك الجميع.

لهذا أنا أرى أنه يجب تصحيح مفاهيم الحرية عند بعض أبناء وبنات الوطن من أولئك الذين يظهرون في قنوات فضائية سواء عربية أو غربية ويقومون بسوق الاتهامات لتعاليم دينهم وهو الذي يلقى احترام العالم وإعجابه، حتى أن بعض المنصفين في كل تظاهرة عالمية يبدون بكل إنصاف للعرب والمسلمين إعجابهم بالدين الإسلامي، وأبناؤه يكيلون التهم له بأنه سبب التخلف، ويتهمون القيم المجتمعية جهلا من عند أنفسهم يجب توعيتهم حتى لا يصبحوا صيدا سهلا لأعداء الوطن، ولو سألت أحدهم سؤالين، ماذا قدمت أنت لوطنك من منجزات يا من تنتقده؟ لحار جوابا! ولو سألته عن معلومة بسيطة تتعلق بتاريخ بلده أو جغرافيته؟ لما عرف أين تقع جبال طويق ولما عرف متى توحدت المملكة العربية السعودية على يد الموحد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - أو متى دخل الرياض؟ ثم تجده يجيد الثرثرة أمام قنوات فضائية بعضها أتت ومعها أجندة من الأيديولوجيات تريد تحقيقها مع شباب وشابات لا يملكون الفهم الكامل والنضج الواعي في التعبير عن آمالهم وأحلامهم وفق احترام معتقداتهم الدينية والثوابت، فيعبرون بما يمكنه وصفه أنهم يسيئون لوطنهم وشعبهم من حيث يدرون أو لا يدرون، يملكون ثقافة عن موسيقى الراب ولكنهم لا يعرفون أبسط المعلومات عن وطنهم - مع الأسف - ولهذا أتعجب حينما يقول بعض شباب الوطن لمن يتعارفون عليهم في البلدان السياحية الغربية التي يذهبون إليها في موسم السياحة إن سبب تأخر المجتمع - لا- بل تخلفه إنما بسبب تعاليم الدين وتقاليد المجتمع، ويجهلون أن تعاليم الدين هي من صنعت نهضة أوروبا بفضل علماء مسلمين ما زالت نظرياتهم تدرس في الجامعات الأوربية حتى اليوم وتعج مكتباتهم بمخطوطاتهم من أمثال ابن سينا والرازي والخوارزمي وابن الهيثم وغيرهم كثير في علوم الطب والفلك والرياضيات، فكم مرة بكينا مع مرثية أبي البقاء الرندي وهو يتساءل عن تاريخ ضاع بعد أن أشاع الدنيا في أوروبا:

فاسأل بلنسية ما شأن مرسية.. وأين شاطبة أم أين جيان

وأين قرطبة دار العلوم فكم.. من عالم قد سما فيها له شان

لقد كان العرب والمسلمون يعتزون بدينهم وبالعادات والتقاليد لمجتمعهم المسلم، وكم دخل كثير في الدين حينما لمسوا التراحم والعطف والتسامح والكرم. عموما لا يضير المجتمع أن تنازل بعض أبنائه عن التقاليد وعقها وأعلن الجحود لها والصدود، لكن ما يهم وما هو مهم أن يؤخذ على أيدي هؤلاء الذين يسيئون لدينهم ووطنهم وعدم تركهم يمارسون حرية الإساءة.

خميس مشيط


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد