فاصلة:
(ينبغي أن نتعلم من الحياة كيف نتحمل الحياة)
-حكمة فرنسية-
يتساءل الكاتب من سيقرأ مقالته في أيام العيد فالجميع مشغولون بالعيد ونظام أيامهم المتأرجح بين السهر والنوم وزيارة الأهل والأقارب.
لكن الناس يقرؤون ما يريدون سواء كان الوقت إجازة أو عيد وفي زمن الإنترنت أصبح في متناول أيّ قارئ البحث عن أيّ مقالة للكاتب الذي يريد.
فكرت فيما سأكتب في أيام العيد فما وجدت أجمل من الكتابة عن الحياة والحب الذي هو زادنا في طريق لا نعرفه.
قال جابرييل ماركيز صاحب رواية «مائة عام من العزلة «إن آل بوينديا - أبطال روايته- عاشوا في العزلة لأنهم غير قادرين على الحب!..
والسؤال لماذا لا يقدر الإنسان على الحب؟..
هل لأن الناس لا يستحقون هذا الحب؟..
ولماذا يود الإنسان أن يعيش العزلة؟..
في أدبنا العربي اعتزل أبو العلاء المعرّي الناس ولكن لماذا؟..
كان المعري ذا صلة حسنة بالناس، ورغم فقره فقد كان كريمًا يعين طلاب الحاجات، وينفق على من يقصده من الطلاب ويكرم زائريه.
ومن مروءته وكرمه أنه لم يقبل من تلميذه الخطيب التبريزي ذهبًا كان قد دفعه إليه ثمنًا لإقامته عنده، ولم يردّه إليه في حينه، ولكنه احتفظ له به حتى ودّعه ورد إليه ما دفع.
وكان وفيًا لأصدقائه وأهله، وتفيض رسائله إلى أهل بغداد والمعرة وإلى أخواله بهذا الوفاء.
إذن الذين يعتزلون الناس ليس كما قال ماركيز لا يعرفون الحب بل لأنهم -مثلما كان المعري- مرهفو الحس يطلبون الحب ولا يجدونه لأن الحياة ليست منبعه.
نعم منبع الحب في نفوسنا وليس فيما حولنا أو فيمن حولنا.
الحياة تحوي الناس بمختلف أطيافهم ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية فإذا لم يكن لدى الإنسان قدرة على استيعاب هذا التنوع الفريد والمزعج فلن تطيب له الحياة ولن يعيش الحب فيها.
والحياة بمتسع معانيها تتسع لعيش الناس الذين منذ خلق الله آدم فيهم الخير والشر، والخطأ يكمن في تفكيرنا المثالي بأن على الناس أن يتعاملوا فيما بينهم بالخير والعدالة وهذا ما يعظّم المشكلة إذ إن الحياة ليست كما بيتنا الصغير يوم كنا صغاراً والناس لا يحملون قلوب أحبتنا كما نتصور في لحظة يأس.
لذلك فإن من أهم الدروس التي علينا أن نتعلمها أن الناس أجناس كما يتردد في الأمثال وأن صدمات الناس لنا مهما كانوا أصدقاء هي تجارب تغذي قوة التحمل فينا لنستطيع أن نتعايش مع الناس بمختلف طرق تفكيرهم ومختلف سلوكياتهم، لنستطيع أن نحيا في حب وسلام.
nahedsb@hotmail.com