الكل يعرف أن كتاب الله (القرآن الكريم) قد نزل على (رسول عربي) أمين و(بلسان) عربي مبين وأن (أحاديث) ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قد كتبت بخط عربي أصيل، وأن الرسالة الخالدة قد انطلقت من وطن عربي نبيل هو وطن الإسلام الأول الأصيل ونعني بذلك جزيرة العرب الخالدة التي نتمنى أن تبقى خالدة إلى أبد الآبدين.
***
كذلك نعرف أن التاريخ العربي العظيم قد بدأ من جزيرة العرب لينقل لنا أخبار العرب الأولين كطسم وجد يس والعماليق والانباط والثموديين والسبأيين والحميرين، وما تبعهم من أخبار العرب المستعربة وكذلك أخبار الأقوام الأخرى كالرومان والبابليين والسومريين والكنعانيين والفراعنة.
وكذلك نعرف أيضاً أن الشعر العربي العظيم سواء أكان جاهلياً أو في عهد الخلفاء الراشدين أو عهد الأمويين والعباسيين قد انطلق - أصلاً - من جزيرة العرب وانتشر بانتشار الإسلام إلى كل حواضر الدنيا بل أصبحت اللغة العربية - لغة القرآن - هي اللغة التي فرضت نفسها على معتنقي الإسلام من غير العرب.
أي أنه تبعاً لذلك فإنه بمقدورنا القول إن الحضارة العربية الهائلة قد تأسست على أربعة أعمدة راسخة قامت على ثرى هذه الجزيرة الغالية، والأعمدة التي نعنيها هي:
1 - الدين (القرآن والسنة) مكتوب باللغة العربية.
2 - اللغة الأم (العربية).
3 - التاريخ الذي كُتب بهذه اللغة الأم (العربية).
4 - الشعر (وما تبعه من فنون وآداب) والتي أدّت بالتالي إلى نشوء (الثقافة العربية الإسلامية) والتي نقلها لنا الشعر من أبعد أطنابها وعلى اتساع انتشارها.
لذا قيل إن الشعر هو لغة العرب، وهو أيضاً لغة من لا لغة لهم كما قالها الفاروق عمر رضي الله عنه وكذلك هو القائل (علموا أولادكم لامية العرب لأنها تهذب الأخلاق)، واللامية لمن لا يعرفها هي قصيدة شهيرة لشاعر جاهلي (!!) اسمه الشنفرى وبمناسبة ذكر الشعر الجاهلي فهو قد ظل (شعراً شعبياً شفوياً) منقولاً لا مكتوباً حتى جاء عصر التدوين في زمن الخلافة الأموية، ومن هنا فإن (الشعر الشعبي) ليس سبه وليس خطرا على (أمة اللغة)، ولا على (شقيقه) الشعر الفصيح، ومن هنا فإنني أستغرب فعلا من الذين يستغربون هذا الاهتمام الكبير (الذي فرض نفسه على الذائقة) الخليجية والذي يستكثرون عليه كل هذا الاهتمام الجماهيري والرسمي مع أن (الذائقة) بالذات لا تقبل (الوصاية) ولا تقبل (التشكيل) على هوى الآخرين.
***
أما مدعاة كل ما قالته آنفاً فهو أنني سمعت أن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن أحمد بن عبدالعزيز قد قرر دعم مسابقة شاعر العرب، الدورة الثالثة والتي تنطلق من قناة رواسي بعد أيام قليلة والتي أشهد وأنا أحد محكميها أنها قدمت لنا خلال الدورتين السابقتين شعراء مبدعين كبار أقصتهم الشللية من الساحة، أقول ومع أن ذلك الدعم ليس مستغرباً على سموه الكريم، فهو كريم وابن كريم ومن سلالة كريمة - أعزها الله - وهو بالإضافة إلى ذلك يُعتبر مثقفاً مميزاً وشخصية محبوبة على النطاق الشعبي وذلك لتواصله الدائم مع الناس في أتراحهم وأفراحهم ومساعدة المحتاجين منهم بطريقة إنسانية رائعة لا يرجو منها سوى إراحة الضمير ورضى رب العالمين، ومع أنني أعرف أن سموه يكره المديح و(الظهولة) الإعلامية، إلا أنني أجد نفسي هنا مُجبراً على ثنائه لا لأجل منفعة شخصية بل لأجل الشعر، أي نعم الشعر بل الشعر الحقيقي دون تزويق وتلفق وتلميع و(تصنيع) أو تصويت أو تلاعب في التصويت ضد الموهبة الحقيقية، إذ كان شرط الأمير فيصل حفظه الله هو إلغاء التصويت (لمن يملكون على حساب من لا يملكون)، إذ هنا يكون الدور للجنة الأساسية واللجنة المساندة فقط.
وحينما يشترط سموه ذلك فهو يكرس فعلا مبدأ النزاهة الحقة في التقييم الحق، لا كما تعود الجمهور الخليجي رويا للأسف الشديد على تلاعب الداعمين في النتيجة بغض النظر عن الإبداع مع أن المنطق يقول إن للشعر أهله وأرضه وفرسانه الحقيقيين، يبقى القول أخيراً شكراً أيها الأمير المضيء دوماً فيصل بن أحمد ومبروك للمسابقة هذا الدعم وكذلك للأخ فايز بن دمخ راجين أن (لا يتعثر) مرة أخرى!!