Al Jazirah NewsPaper Tuesday  14/09/2010 G Issue 13865
الثلاثاء 05 شوال 1431   العدد  13865
 
آفاق جديدة لتركيا بعد (نعم) الاستفتاء الدستوري
عبد الإله بن سعود المنصور السعدون *

 

عاشت الحياة السياسية التركية وقفات متعددة في الربع الأخير من القرن الحالي ظهرت بالتدخل المباشر للمؤسسة العسكرية في العملية السياسية والتأثير في المحكمة الدستورية بإيقاف الحركة الديمقراطية بإصدار قرار قضائي منها بحل الحزب الحاكم وفتح الطريق أمام قادة الجيش للإدارة المباشرة لكل مؤسسات الدولة مما أدى إلى التأثير السلبي في المرافق الاقتصادية وارتباك في العملية السياسية ونقص ظاهر في الحريات وحقوق الإنسان، وكان يوم 12 سبتمبر عام 1980م آخر تلك الوقفات اللا ديمقراطية بتدخل الجيش بقيادة الجنرال كنعان أفرين واستيلائه على السلطة وتنصيبه رئيساً للجمهورية والإعلان عن دستور جديد طبخ سريعاً منح المؤسسة العسكرية حقوقاً دستورية في التدخل بالسياسة التركية حين (شعوره) بالخطر الذي يهدد العلمانية الكمالية كحامٍ لهذه المبادئ التي وصفها مؤسس الجمهورية التركية أتاتورك منذ تسعين عاما.

ولم تكن مصادفة أن يكون يوم الأحد الماضي (12 سبتمبر 2010م) موعداً للاستفتاء على التعديلات الدستورية الجديدة وجمعته بتاريخ الذكرى لآخر الانقلابات العسكرية (12 سبتمبر 1980م) وجاءت نتيجة الاستفتاء العام بصرخة (نعم) لكل ما أقره البرلمان التركي أخيراً من عرض حقوق دستورية توسع محيط الحياة السياسية وتمنحها الحصانة الكاملة من تسلط المؤسسة العسكرية وأداتها القضائية (المحكمة الدستورية) التي تمادت بإصدار قراراتها بحل كل حزب لا يوافق التوجه العلماني ومبادئ الجمهورية الأولى التي فرض الجيش بقوته الحماية أي مسرى سياسي لا يتفق مع أفكاره بعلمنة السلطة ومنحت مجدداً البرلمان الحق بحماية الدستور لترسيخ الاستقرار السياسي.

ووضعت أيضاً التعديلات الدستورية الجديدة المؤسسة العسكرية بمحيطها المهني لحماية حدود البلد من كل خطر خارجي وصون كرامة العلم التركي والابتعاد بصورة محرمة دستورياً من التدخل في أي حراك سياسي ووجهت أيضاً المحكمة الدستورية بتبيان مرجعها العدلي وتحديد صلاحياتها وإعادة هيكلها القضائي بإعطاء الحق لوزارة العدل بزيادة أعضائها وربطها بقانون القضاء التركي ورفع أي صفة سياسية عن القضايا التي تنظرها وتنحصر بمجالها القضائي (كمحكمة عليا) تنظم صلاحياتها بقانون.

ووسع التعديل الدستوري أفق الحريات العامة اجتماعياً وسياسياً بالتركيز على حقوق الإنسان ومنح المرأة حقها الشرعي في ارتداء حجابها في المؤسسات العامة ودوائر الحكومة بعد أن كان محرماً عليها دخول تلك المؤسسات بحجابها واعتراضها يكلفها وضعها الوظيفي.

كما فتحت أيضاً الطريق ممهداً لتطبيق النظام الرئاسي المباشر بالتصويت الانتخابي لاختيار المرشح لمنصب رئيس الجمهورية وشكلت هذه الخدمة الدستورية الجديدة فتحاً واسعاً أمام الديمقراطية التركية ومنح المصوت بنعم وبنسبة 58 % من مجموع خمسين مليون ناخب زخماً قوياً ودعماً معلناً لسياسات الرئيس أردوغان في إصلاحاته السياسية والديمقراطية وتأييداً لخطواته الموفقة في تحقيق نسب عالية من التطور الاقتصادي وركزت الأمل وبإصرار لمتابعة هذه السياسات الناجحة للدخول وبثقة أكبر في الانتخابات القادمة والمقررة في صيف العام القادم ليستمر النهج الليبرالي الإسلامي الوسطي منهجاً وبرنامجاً لسياسة تركيا الحديثة والتي كشفت عن وجهها الشرقي الإسلامي بديمقراطية حديثة تربط كجغرافيتها الشرق بالغرب.

* عضو هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد