مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقايا زمزم نقل مياه زمزم من تاريخ مسكوت عنه إلى سجل معلوم ودرجة نقاء المياه، وهو من المشاريع الجيولوجية النادرة التي تتم في بنية جيولوجية معقدة تقوم على تركيبة صعبة من الصخور النارية في الدرع العربي التي أصبحت مصائد للمياه تقوم على الشقوق والتصدعات الصخرية.. وبذلك يكون على باطن الأرض مشروع السقيا واضحاً للعيان الذي يمثله المصنع وإدارة المياه وتوزيعها وحفظها وسهولة الوصول إليها وانتشارها ومجانيتها. وتحت باطن الأرض مشروع آخر ضخم لهندسة المياه؛ كون المنطقة المحيطة بالحرم المكي الشريف مكتظة بالسكان والمساكن والمشاريع المعمارية العملاقة وما تطلبه ذلك من ضخ المياه المحلاة والأمطار والسيول في حيز مجاور لآبار زمزم، وهذا تطلب إعادة هندسة المياه على سطح الأرض وباطنها بإنشاء عدد من المشاريع لتصريف مياه السيول وتمديد خطوط الصرف الصحي والتخلص من المياه السطحية وصرف تلك الخطوط خارج منطقة الحرم حفاظاً على نقاء مياه آبار زمزم من التلوث تحت السطح وفوق السطح وحرصاً على الصحة العامة وسهولة وانتشار مياه زمزم؛ لذا جاء مشروع الملك عبدالله لسقيا زمزم ليحقق معادلة صعبة من الناحية العلمية لكنها تحققت.
فالمياه التي تدخل منطقة الحرم وإعادة هندسة الأودية المحيطة بمنطقة الحرم وخطوط أنابيب وقنوات تصريف السيول التي نظمت خطوط التصريف والهدر المفرط في استخدام مياه زمزم كل تلك المشاريع أثرت على وفرة مياه زمزم، وربما قد تؤدي مستقبلاً إلى نضوب وجفاف الآبار أو تؤثر على نقاء المياه إذا لم يكن هناك مشروع يعيد بناء وهندسة مياه زمزم عبر مشروعين جيولوجيين هما: الشبكات المعقدة في باطن الأرض، وإنشاء مصنع للتعبئة والتقنين وفق فكر وإدارة المياه المباركة من أجل وقف الهدر وتوزع المياه النقية وغير الملوثة بعد خروجها من الآبار وسهولة الوصول إليها وتداولها بصورة صحية وآمنة للمسلمين داخل مكة وخارجها.
مياه زمزم بعد مشروع السقيا تحولت من مياه محصورة في مكة المكرمة لتكون مياه مباركة منقولة ومنتشرة وتتجاوز حدود مكة المكرمة وتفتح آفاقاً جديدة فيما يعرف بإدارة المياه كإحدى المشاريع التي قصد منها سبيل الله، ويهدف إلى توافرها مع الحجاج والمعتمرين في خطوط بعيدة عن مصدرها عبر مراكز التوزيع وعبر آليات التعبئة والتوزيع التي تراعي سهولة الوصول إلى المياه المباركة في داخل الحرم المكي الشريف أو مكة المكرمة ومناطق المملكة وخارج حدود المملكة.