كل عام وأنتم بخير.. وحمداً لله الذي مَكَّن المسلمين من تأدية الركن الثالث في الإسلام، الفريضة التي تجعل جميع المسلمين في مستوى واحد من الشعور، فالجميع يعرف مدى تأثير الحرمان من المأكل والمشرب. وبالإضافة إلى الارتقاء إلى مستوى عالٍ من الخلق والإيمان بالبعد عن إيذاء الآخرين وكل ما يسيء للبشر، فإن شعور الجميع بالجوع لأكثر من نصف اليوم والعطش لساعات طوال يذكِّر الإنسانَ أين كان مستوى كفايته بمدى ما يعانيه أخوه الإنسان الذي يعجز عن توفير الغذاء والشراب له ولعائلته في أوقات أخرى.

فضيلة الصوم مدرسة إسلامية كبرى تكسب أبناء المسلمين بعد أدائها قبساً من إيمان، وتحمل ومشاركة إنسانية، وتجعل المسلمين حالة واحدة تتشارك فيها النفوس والأجساد وتعيش وجدان المرء الواحد. ولهذا فقد عمرت المساجد بالمصلين، وتشارك الجميع في موائد الرحمن لإفطار الصائمين، لا فرق بين غني وفقير، كل يَعْبدُ الله ويدعو لغفرانه وطلب عفوه وتوبته.

والحمد لله الذي مكننا من تأدية هذه الفريضة التي تجمع بين الإيمان وتدريب الإنسان المسلم على التحمل، وإشعاره بمشاركة المحرومين. ونبتهل إلى الله أن يثبت المسلمين على إيمانهم وأعمالهم التي التزموا بتأديتها طيلة أيام الشهر الفضيل، والتي تجعل المسلم إنساناً مشاركاً لمجتمعه، مفعماً بالإيمان وبالخلق القويم، يعلم بما يعانيه إخوانه فيغدق عليهم بما فاض عليه من جوده، وأن يظل متمسكاً بأخلاق الإسلام فلا يعتدي على أحد ولا يؤذي آخر قولاً أو فعلاً.

أيام الصوم وشهر رمضان الكريم مدرسة إيمانية، وتجديد وغسل للروح والعقل، والفائز من يظل متمسكاً بدروسها عاملاً بما أمدته من قيم وتعاليم وأخلاق الإسلام.

***