Al Jazirah NewsPaper Friday  10/09/2010 G Issue 13861
الجمعة 01 شوال 1431   العدد  13861
 

د. عبدالله الطريقي الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء بالرياض لـ(الجزيرة):
ليس في الإسلام شيء اسمه «السياحة الدينية»!!

 

الرياض - خاص بـ(الجزيرة)

يؤكد د. عبدالله بن إبراهيم الطريقي - الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء بالرياض، أنه ليس في الإسلام ما يسمى ب»السياحة الدينية»، مثلما هو موجود لدى أصحاب الديانات القائمة على الرهبانية، مضيفاً أن المقدس هو ما قدسه الله، والآثار القديمة ليست مما يعظم، ومن ثم فالنظرة إليها تكون مثل غيرها من المعالم السياحية الأخرى.

وأكد د. الطريقي أن الشعائر والمشاعر المقدسة هي التي عظمها الإسلام، وليست في حكم الآثار، ولا يليق إطلاق اسم «سائح» على من قصد الحج والعمرة والزيارة.. جاء ذلك في حوار للدكتور الطريقي، وفيما يلي نصه:

ماذا عن مفهوم السياحة لغة عند العرب؟

- جاء في لسان العرب لابن منظور ما ملخصه: السياحة مصدر ساح يسيح سيحاً وسيحاناً: إذا جرى على وجه الأرض، ويقال: ساح في الأرض يسيح سياحة وسيوحاً وسيحاً وسيحاناً: أي ذهب، والسياحة: الذهاب في الأرض للعبادة والترهب، وقال ابن حجر: «وحقيقة السياحة: أن لا يقصد موضعاً بعينه يستقر فيه».

نريد توضيحاً لدلالات كلمة السياحة كما وردت في النصوص الشرعية؟

- جاءت مادة (ساح) في القرآن العظيم في أكثر من موضع، كقوله تعالى: (بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ)، قال الطبري في تفسيره: يعني فسيروا في الأرض مقبلين مدبرين، آمنين غير خائفين من رسول الله (ص) وأتباعه، يقال من: ساح فلان في الأرض يسيح سياحة وسيوحاً وسيحاناً، وقوله تعالى في السورة نفسها الآية رقم 112:(التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)، وهذه صفات من يحظى بالفوز العظيم المشار إليه في الآية التي قبلها، ومعنى (السائحون): الصائمون، في قول كثير من المفسرين، وقيل: السفر في طلب العلم، وقيل: سياحة القلب في معرفة الله ومحبته، قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي: «والصحيح أن المراد بالسياحة السفر في القربات، كالحج والعمرة، والجهاد، وطلب العلم، وصلة الأقارب، ونحو ذلك»، وينبه ابن كثير إلى أمر مهم فيقول: «وليس المراد من السياحة في الآية ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري، فإن ذلك ليس بمشروع، إلا في أيام الفتن».

السياحة عند المسلمين هل تعني السفر فقط؟

- عرفت السياحة عند المسلمين، ولكن باسم: السفر، أو السير في الأرض حسب التعبير القرآني، حيث كان المسلم يجوب الآفاق، وبخاصة في دار الإسلام الواسعة، طلباً للعلم، أو التجارة، أو من أجل الجهاد، أو الاعتبار والادكار، وذلك استجابة لنداءات القرآن الكريم في مثل قوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ), وقوله جل وعز (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ).

وعرفت السياحة عند علماء الإسلام باسم: الرحلة في الطلب، حيث كانوا يتنقلون من مدينة إلى أخرى لذلك القصد، وكانون يحثون عليها، حتى قال قائلهم:

تغرب عن الأوطان في طلب العلا

وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفرج همّ واكتساب معيشة

وعلم، وآداب، وصحبة ماجد

ولم يكن أولئك العلماء يسيحون في غير هدف، أو من أجل التعبد، وإنما وقع في هذا بعض العباد والزهاد والمتصوفة الذين لم يرسخ العلم في عقولهم وقلوبهم، أسوة بالأمم السابقة الذين شاعت عندهم الرهبانية والسياحة في الأرض، كالنصارى.

وماذا عن المفهوم الصحيح للسياحة؟

- من خلال إجابتي السابقة يتبين أن مفهوم السياحة مرتبط بالدين والعبادة، أو أنه سيحان إلى غير هدف محدد، وهي بهذا نوعان: نوع مشروع أو جائز، وهو الصوم - حسب المفهوم الشرعي -، أو السفر من أجل طلب العلم، أو الجهاد، أو التجارة، ونحو ذلك.. ونوع ممنوع، وهو التبتل والانقطاع للعبادة، واعتزال الناس، بيد أن مفهوم السياحة تطور في العصر الحديث، بحيث لم يعد مرتبطاً بالدين والعبادة، بل أصبح من الشؤون الدنيوية العادية، ولذا عرفها المجمع العلمي بالقاهرة بأنها: (التنقل من بلد إلى بلد طلباً للتنزه أو الاستطلاع والكشف)، ويبدو أن هذا المفهوم هو السائد والمتبادر إلى ذهن معظم الناس، بمعنى أن الإنسان يسافر ويتنقل من مكان إلى آخر من أجل الترفيه، أو الاستطلاع، لكن الموسوعة العربية الميسرة أشارت إلى أغراض أخرى، منها: حضور الاجتماعات الدولية، والسفر للعلاج، والتجارة.

هل الغرض من السياحة الترفيه فقط؟

- في ضوء مفهوم السياحة، ومن خلال استقراء واقع السياحة في دول العالم السياحية، يمكن استنتاج الأغراض السياحية الآتية:

1- أغراض سياسية: ويأتي في مقدمتها، تجسير العلاقات الدولية، وتفعيلها عن طريق الأفراد والشعوب، والعملية الدعائية - غير المباشرة - للبلاد، جراء ما يجده السائح من الخدمات والتسهيلات.

2- أغراض اقتصادية: حيث تعتبر السياحة من الموارد المالية المهمة لكثير من دول العالم، بل تعتبر المصدر الأساس للدخل في عدد من الدول، كإنجلترا وفرنسا وإسبانيا وبعض الدول العربية.

3- أغراض ترفيهية: وهي أغراض رئيسة بالنسبة للسائح نفسه، لأن السياحية تجيء بعد عمل (روتيني) جهيد، فيخرج السائح من بؤرة الرتابة وينعتق من كثير من الكوابح والتقاليد، بل ربما تصور بعضهم أنه في حل من الانضباط الديني والخلقي, ولا سيما أنه يرى الأسباب مهيأة، والأبواب مشرعة في بلد السياحة، كما هو ملحوظ في الدول الغربية بعامة، حيث توافر أماكن اللهو بأنواعه، وأنواع المطعوم والمشروب، والشواطئ المختلطة والمتبرجة، والمعالم الأثرية والجديدة.. الخ، فيقبل عليها السائح بنهم شديد، ليشبع رغبته قبل إيابه وعودته.

ماذا عن خصائص السياحة في المملكة؟

- تتميز المملكة بخصائص وسمات تنفرد بها عن معظم بلدان العالم، ويجيء في مقدمة ذلك:

1- خصائص جغرافية (مكانية)، حيث يوجد الحرمان الشريفان في مكة والمدينة، فمكة بلد مقدس ليس له نظير في العالم، نظراً لوجود الكعبة المشرفة والمسجد الحرام، ومقام إبراهيم، وماء زمزم، هذه إلى بقية المشاعر المقدسة (منى، ومزدلفة، وعرفات)، وقد ارتبطت بها أفئدة المسلمين، فصارت الكعبة - وهي - أبرز الشعائر - قبلتهم، وصار المسلمون يفدون إلى هذه المشاعر من أقصى الأرض إلى أدناها لأداء شعيرة الحج والعمرة، وأما المدينة ففيها المسجد النبوي الشريف، ومسجد قباء وقبر النبي (ص)، ومقبرة البقيع، وكلها له شرف ومكان في نفوس المسلمين، بل إن للمنطقة عموماً (جزيرة العرب) خصوصية شرعية، حيث لا يجتمع فيها دينان.

2- خصائص جغرافية (سكانية) تتمثل في كون سكان هذه البلاد مسلمين 100%، وليس للكفار وجود أصلي فيها، بل إن هؤلاء السكان هم في الجملة من معادن العرب وأصولهم، وقد حافظوا على أنسابهم، كما حافظوا على دينهم وعقيدتهم.

3- خصائص اجتماعية، وتتمثل في الأصالة الاجتماعية، لهذا الشعب - كما سبق التنويه - فهو عريق في أصله ومحتده، وفي عاداته وتقاليده، وأعرافه وعلاقاته، وقد قامت علاقاته الاجتماعية على تشريعات الإسلام وأخلاقه وآدابه، سواء بين الأفراد، أو بين الفرد والجماعة، أو بين الأفراد والدولة، ولذا يتميز بقوة العلاقات الأسرية والعائلية، مع سلوك اجتماعي حسن.

4- خصائص دستورية (حاكمة)، حيث إن الدولة تلتزم الوحي دستوراً لها، وتقوم على حراسة الدين، وتدعو إليه على بصيرة، وذلك واضح في نظام الحكم للمملكة العربية السعودية.

5- خصائص فكرية، وتتمثل في استقامة الفكر والاعتقاد عند هذا الشعب في الجملة، حيث النهج السلفي الذي جدده الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وقامت عليه فلسفة الدولة السعودية منذ نشأتها، ونظراً لوجود هذه الخصائص لهذه البلاد، نلحظ أنها أصبحت محط أنظار العالم كله، فالكل ينظر إليها بعين التقدير والاحترام، وربما نظر إليها بعضهم من منظور الحسد والغبطة، وكل ذي نعمة محسود.

إن العرانين تلقها محسدة

ولا ترى للئيم القوم حساداً

لهذا كان من المفترض أن يكون للسياحة - هنا - مفهوم أعمق من المفهوم السائد، وأن يكون ثمة أغراض سياحية أخرى أكثر بعداً من الأغراض المشار إليها.

خصوصية المملكة الدينية والجغرافية هل تجعل للسياحة فيها ملمحاً متميزاً؟

- من خلال نظرة سريعة لواقع بلادنا الحبيبة، وفي ضوء الرؤى السابقة نستطيع إبراز ملامح التميز السياحي في النقاط الآتية:

1- أن أبرز مقصد للقادمين إلى هذه البلاد من خارجها هو الحج والعمرة، أو زيارة المسجد النبوي الشريف، ومن ثم فإن هؤلاء القادمين إنما قدموا لأداء هذه الشعائر، وعنده لا نستغرب إذا كان يقدم إلى هذه البلاد سنوياً أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون مسلم من أجل هذا الغرض فقط، حسب تقدير أحد المسؤولين الكبار.

2- أن القادم إلى هذه البلاد من غير المسلمين قد وضع في اعتباره أن هناك مواطن لن يسكنها، بل قد لا يمر بها، وهي مكة والمدنية.

3- أن القادم إلى هنا مهما كان عنده من رقة الدين، يعلم أن لن يسمح له بالمجاهرة بالتفحش، كشرب الخمر، ومظاهر الميوعة، وتبرج النساء... ونحو ذلك، بل إنه يعلم ويرى انضباط المجتمع الديني والسلوكي، والتزامه بالشعائر الإسلامية كالصلاة، والصيام، وحجاب المرأة.

4- أنه لا يوجد في هذه البلاد مسارح ونوادٍ ليلية على غرار ما هو موجود في أكثر بلاد العالم، ولا سيما العالم الغربي، الذي يحيي ليله بالسكر والعهر والرقص.

5- كما أنه لا يوجد شواطئ بحرية تجمع أراذل الناس وأوباشهم من الجنسين، في صور وأزياء مزرية.

6- أن من يفعل جريمة تستحق العقوبة فإنه سيؤخذ بجريرته أياً كانت جنسيته، أو ديانته.

7- أنه لابد من مراعاة النظام العام للدولة، والآداب العامة الاجتماعية القائمة على التقاليد الأصلية، كالعفة والحياء.

8- أن النظرة إلى الآثار الموجودة في المملكة لا تنطلق من منطلق التعظيم والتقديس، كما هو الشأن عند بعض ذوي الاتجاهات المنحرفة، بل إنها مثل غيرها من المعالم، وأما ما يقدس فهو المشاعر في مكة والمدينة مما قدسه وعظمه الملك القدوس جل ثناؤه.

9- أنه إذا كان أكثر بلدان العالم السياحية، يفتخر بوجود كثرة الآثار فيها، فإن هذه البلاد تفتخر بوجود الحرمين الشريفين والبلدين الآمنين (مكة والمدينة)، وبكثرة المساجد التي تشهد عليها مآذنها ومناراتها الشاهقة، والمنتشرة في المدن والقرى، وعلى الطرق والمتنزهات.

10- وإذا كانت تلك البلدان تفتخر بالزخم الإعلامي الهلامي سواء منه المقروء و المسموع والمرئي، فإنه عندنا ينطلق وفق سياسة محكمة متعلقة، تهتم بالحقيقة وتقريرها، أكثر من اهتمامها بالإثارة.

11- وأخيراً إذا كانت أكثر بلدان العالم تفاخر وتعتز بشعارات براقة كالحرية والمساواة والعلمانية، فإن هذه البلاد تعتز بالإسلام، وتنضوي تحت لوائه، وتستظل بظل عدالته، وحكمته، وتسامحه.

أجل.. إن السائح في هذه البلاد سيجد نمطاً فريداً من السياحة لا يكاد يتوافر في أي من بلدان العالم، قوامه العبودية لله رب العالمين، وشعاره: كرامة الإنسان، ودثاره: القيم الخلقية، ومظاهره: المتعة بالجمال والسحر الحلال.

ماهي السياحة التي نريدها؟

- لاشك أن المعنيين بالسياحة - هنا - يهمهم أمرها كثيراً ويسعون إلى تحقيق أهداف سامية، وبصفتي واحداً من مواطني هذه البلاد العزيزة أجدني تواقاً إلى رسم خريطة للسياحة المأمولة.. ولعل ذلك يتحقق في الوقفتين الآتيتين:

الأولى: أهداف السياحة الداخلية: إن نجاح كل شيء مرتهن بوضوح هدفه، وفي ظني انه متى وضحت أهدافنا السياحية وتكاملت، فإن هذه السياحة ستنجح وتحقق مكاسبها وثمارها المرجوة، والعكس بالعكس لا قدر الله، فما الأهداف والأغراض التي ينبغي علينا أن نسعى إليها في سياستنا ومسيرتنا السياحية؟ أعتقد جازماً بأن أصحاب القرار في هذه البلاد حينما عُنوُا بتنظيم السياحة لم يكن الغرض من ذلك مجرد ترفيه السائح وتسليته، بل إن الأمر أبعد من ذلك.. وهذه هي الأهداف المنشودة:

1- أهداف اجتماعية، ويأتي في مقدمتها: التعارف مع شعوب العالم، والتعاون على الخير في مجالاته المختلفة، تطبيقاً لقول الحق سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). وقوله: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). «والمؤمن مألف» كما في الحديث الشريف.

2- أهداف سياسية، ويأتي في مقدمتها: الانفتاح على العالم الأخر، وتجسير العلاقة معه، ليعرف هذه البلاد وتميزها عن كثب.

3- أهداف اقتصادية، وهو من أهم الأهداف للسياحة في كل دولة، وسبقت الإشارة إلى ذلك.

4- أهداف ثقافية، وتتمثل في اكتساب أو إكساب السائح معرفة ثقافية أصلية واسعة، من قنواتها المختلفة، مثل:

أ- المكتبات العامة، كمكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، ومكتبة الملك عبدالعزيز، ومركز الملك فيصل للدارسات والبحوث الإسلامية ومكتبات الجامعات السعودية... وغيرها، وكلها مكتبات نفسية تحوي ثروة علمية ثرة.

ب- المحاضرات والندوات الثقافية العامة، والأمسيات الشعرية، والمسابقات الثقافية المفيدة.

ج- الدورات العلمية والثقافية في شتّى مجالات المعرفة.

د- معارض الكتب، وما يتخللها من ملتقيات ثقافية.

هـ- هذا إلى ما تحويه وسائل الإعلام - في هذه البلاد - من برامج ثقافية منوعة.

فكل ذلك وأمثاله من الفرص الثمينة التي ينبغي استغلالها سواء من قبل السائح نفسه، أو من قبل من يعنيه الأمر، وفي هذه المناسبة أجدها فرصه للتنويه بالبرامج الثقافية الصيفية التي تنظم في عسير، وبإشراف من سمو أميرها سدد الله خطاه، وأتمنى أن تتضاعف هذه البرامج - نظراً لأهميتها - في ظل الهيئة العليا للسياحية.

5- أهداف توعوية (دعوية)، مهمتها توعية السائحين وإرشادهم إلى ما فيه صلاح دينهم ومعادهم، وأخلاقهم، وذلك بالأساليب والوسائل المناسبة، كالدروس العلمية وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، والمحاضرات، والخطب، والمسابقات، وتوزيع المصاحف، والكتب والمطبوعات المناسبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير هذا مما نيط بالجهات المسؤولة، كوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

6- أهداف ترويحية, وهذه مجالها واسع جداً, والمأمول ضبطها من الانفلات - كيلا ندخل في جحر الضب.

ماهو المطلوب في التخطيط السياحي في المملكة؟

- هناك نقاط مهمة، أبرزها:

1- أنه ليس في الإسلام ما يسمى بالسياحة الدينية، أي تلك التي تتخذ عبادة في ذاتها، كما هو الشأن عند بعض أصحاب الديانات القائمة على الرهبانية - كالنصرانية، والبرهمية، إذ لا رهبانية في الإسلام، وليس هناك انقطاع للعبادة وسياحة في الأرض غير هادفة.

2- أنه ليس هناك شيء معظم ومقدس غير ما عظمه الله وقدسه، والآثار القديمة ليست مما يعظم، ومن ثم فالنظرة إليها كالنظرة إلى غيرها من المعالم السياحية الأخرى، وعلى هذا فتاوى علمائنا حفظهم الله, ولذا من الخطأ أن نسمي زيارة مثل هذه الآثار بالسياحة الدينية.

3- أن الشعائر والمشاعر المقدسة التي عظمها الإسلام ليست في حكم الآثار الموجودة في كثير من دول العالم, بل لها شأن آخر، إذ ليست مجرد شخوص تزين وتجدد من أجل المشاهدة والنظر والترفيه، بل هي مكان عبادة وتعظيم.

4- انه لا يليق إطلاق اسم (سائح) على من قصد الحج و العمرة والزيارة، حيث لا علاقة بين عمل السائح وعمل الحاج والمعتمر والزائر، فالأعمال الأخيرة هي طاعات لله تعالى، أما عمل السائح فهو مجرد عادة دنيوية - وفق ما هو شائع - أو عبادة مبتدعة ذات طابع رهباني، إن الحجاج والعمار والزوار (وفد الله)، وهو اللقب اللائق والمناسب لهم، ومثله لقب (ضيوف الرحمن) الذي اشتهر، وحفلت به الدولة الكريمة المضيفة.

5- وإذا أخذنا بمبدأ (لا مشاحة في الاصطلاح) وأطلقنا مصطلح (السائح) على كل من قدم هذه البلاد بغض النظر عن مقصده الأساس، فالذي يتعين هنا فك الارتباط بين السياحة، والحج والعمرة والزيارة، بحيث تكون السياحة منفصلة تماماً عن شعائر الحج والعمرة والزيارة بمعنى أن السياحة تمارس مهنتها بعيداً عن جو مكة والمدينة فالسياحة - كما قلت - غير الحج والعمرة والزيارة، إذ إنها - السياحة - ذات طابع دنيوي ترفيهي، وهو ما لا يتمشى مع مقاصد الحج والعمرة والزيارة، ولعل القارئ الكريم يشاركني الرأي بأن دمجها سيكون على حساب العبادة، حيث يتعكر جوها بغبار الدنيا وبهرجها.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد