Al Jazirah NewsPaper Friday  10/09/2010 G Issue 13861
الجمعة 01 شوال 1431   العدد  13861
 
رياض الفكر
رسالة تفرق
سلمان بن محمد العُمري

 

من الظواهر الحميدة الطيبة المباركة، قيام الجمعيات الخيرية والإنسانية في بلادنا، وتفاعل المواطنين وولاة الأمر - على حد سواء - معها، بل ورعايتها من قِبَلهم، ولا تجد منطقة من مناطق المملكة إلا وفيها العديد من الجمعيات الخيرية. وهذا دليل على ميزة هذا المجتمع الذي يمثل صورة حية لما يجب أن يكون عليه المجتمع المسلم في كل مكان، من التراحم والتعاطف والتعاون على الخير، امتثالاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

وجمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، إحدى الجمعيات الرائدة في مجال خدماتها، فهي جمعية إنسانية تعنى بمرضى الفشل الكلوي في المملكة، والذين وصل عددهم إلى أكثر من 11 ألف مريض، وزيادة تصل إلى 9% سنوياً، وبعض هؤلاء المرضى من الفقراء والمحتاجين غير القادرين على نفقات الغسل الكلوي، أو قيمة الأدوية، أو وسيلة النقل، أو تكاليف الرعاية الطبية الطارئة. وهذه الجمعية أحدثت برنامجاً جديداً قبل قرابة ثلاثة أعوام، هذا البرنامج يحمل اسم «كلانا»، والجمعية تسعى للوصول بخدماتها لجميع مرضى الفشل الكلوي، وقد وقعت 28 اتفاقية مع عدد من الجمعيات الخيرية، وسوف تواصل الاتفاقيات إلى أربعين اتفاقية.

ومع زيادة عدد المرضى سنوياً، وارتفاع معدل تكلفة العلاج للمريض الواحد إلى ما يعادل 115 ألف ريال سنوياً، برزت الحاجة الملحة إلى تكاتف أبناء المجتمع مع حملة الجمعية في التوعية حول أسباب الفشل الكلوي، وطرق الوقاية والعلاج، والدعوة للتبرع بالأعضاء، وحث أبناء المجتمع على المساهمة في التبرع الشهري عبر رسالة جوال SMS تسهم في زيادة الوعي، ورفع المعاناة عن إخواننا المرضى. ومنذ انطلاق البرنامج وحتى نهاية شهر شعبان 1431هـ، تبرع مليونان ونصف المليون متبرع ومتبرعة لمرة واحدة، فيما بلغ عدد المتبرعين لعدة مرات أكثر من مليون وثلاثمائة ألف متبرع ومتبرعة. وأسهمت تبرعات الرسائل في إجراء أكثر من (200.000) جلسة غسل دموي خلال العامين الماضيين.

وقد قدم لهذه الجمعية وبرنامجها سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية، وفيها من التحفيز والترغيب والتذكير بما عند الله من الأجر والحسنات ما يغني عن الإسهاب في الحديث عن فضل الصدقات، والمساهمة في دعم مثل هذه المشروعات الخيرية. ولكنني أشير إلى جوانب سريعة من نبذة عن البرنامج «برنامج الغسل الدموي لمرضى الفشل الكلوي المحتاجين وحملة المتبرعين».

هذا البرنامج الخيري كان لقيامه مجموعة من الأسباب المهمة، ولعل في مقدمتها وجود الكثير من المرضى المحتاجين الذين لا يملكون قيمة الأدوية الضرورية، ولا قيمة الغسل، ولا يملكون حتى وسيلة النقل التي توصلهم إلى المستشفيات، فضلاً عن الرعاية الطبية التي يحتاجون إليها أثناء الغسل، وهناك ما يقرب من عشرة آلاف مريض بالفشل الكلوي من المواطنين والمقيمين. ومن بين الأسباب أيضاً عدم أهلية بعض المرضى للعلاج في المراكز الحكومية «مقيمين»، ولا يتوافر لهم تأمين صحي، ومن المعلوم خطورة عدم حصول مريض الفشل الكلوي على جلسات غسل منتظمة.

وهذا البرنامج الخيري الإنساني مع تقديم خدمة الغسل الكلوي المنتظم للمريض، يتم من خلاله أيضاً توفير الأدوية الأساسية التي يحتاجها المريض قبل وبعد الغسل، وتوفير الفحوص الدورية، وتوفير خدمات النقل والمواصلات.

وهذا البرنامج كأي برنامج خيري، يحتاج لاستمراره، والتوسع فيه، توفر الموارد المالية. ولقد أحسنت جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، بالتعاون مع الأجهزة الحكومية، والشركات، والمؤسسات العامة والخاصة، بإطلاق حملة توعوية عن مرض الفشل الكلوي، وأسبابه، وطرق الوقاية منه، وطرق علاجه، والدعوة إلى التبرع بالأعضاء، وحث جميع المشتركين في خدمات جميع شركات الاتصالات في المملكة على التبرع الشهري، مع التوضيح بالشكل لكيفية إرسال رسالة التبرع، وأرقام حسابات البرنامج. وقد قامت شركة الاتصالات السعودية stc بالتبرع بتحمل تكاليف الأعمال الابتكارية لهذه الحملة.

وقيام الشركات والمؤسسات العامة والخاصة، والأجهزة الحكومية، وقبل هذا المواطن والمقيم، وولاة الأمر، للتأكيد على خيرية هذا المجتمع الملتزم بتعاليم الإسلام وآدابه. وهذا البرنامج يماثله برامج أخرى قامت بها مشكورة بعض الأسواق الغذائية إلكترونياً بتخصيص الهللات لدى «الكاشير» للتبرع لمجموعة من الجمعيات، فما عليك سوى أن تختار إحدى الجمعيات، أو يتولى ذلك محاسب الأسواق تلقائياً. وهذه الهللات أدرت ملايين الريالات في موسم واحد، وتم التبرع بها للجمعيات «فلا تحقرن من المعروف شيئاً».

ومثل هذا أيضاً برنامج «سداد» الذي أطلقته وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، لدعم جمعيات تحفيظ القرآن الكريم.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك في جهود هذه الجمعيات، والقائمين عليها، وأن يضاعف أجورهم، وأن يبارك في أعمالهم. وأختم القول بحث إخواني وأخواتي القراء بدعم أعمال هذه الجمعيات من خلال رسالة، أو عدة رسائل لا تكلفنا جهداً أو مالاً كثيراً، ولكن هذه الرسالة تفرق.

alomari 1420 @ yahoo. com


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد