أن تتوافق ذكرى أحداث 11 سبتمبر مع اليوم الثاني من عيد الفطر المبارك، فهذا في سياقه الزمني توافق يحصل في مناسبات عدة، إلا أن الدلالات الدينية والفكرية تكون لها تأثيرات وإيحاءات هامة، خاصة إذا ما استغلت هذه المناسبات لارتكاب عملٍ غير متبصر يشعل مواجهة وفتنة دينية ويهدم كل ما أنجز من توثيق العلاقات ومد جسور الحوار والتسامح بين المسلمين والمسيحيين، أتباع الديانتين الأكبر بشرياً.
والفعل الشيطاني الذي يواجه الآن بإدانات تتصاعد في كل أنحاء العالم بدءاً من الفاتيكان والبيت الأبيض، أن قساً في كنيسة (دوف وورلد أوترينتش سنتر) المعمدانية في غينفيل شمال شرق فلوريدا، حدد يوم 11 سبتمبر لإحراق المصحف الشريف علناً، زاعماً بأنها الطريقة الواجب عملها إحياءً لذكرى 11 سبتمبر.
هذا العمل إن تم وفي الثاني من أيام عيد الفطر الذي يحتفل فيه المسلمون بعد أن أدوا فريضة الصيام، سيكون خير (هدية) من متطرف يدعي الحضارة والتسامح! فكيف سيكون وقع هذا العمل الشيطاني على المسلمين كافة الذين يعدون ملياراً ونصف المليار؟! كيف سيمكنهم التعامل مع المسيحيين معمدانيين أو بروستات أو كاثوليك؟! أياً كان فهذا الفعل سيجعل منه هدفاً للمتطرفين والمتشددين الذين سيجدون في أفعال شيطان فلوريدا وغيره من المتطرفين المسيحيين تحريضاً على مواجهة الفعل الإجرامي بفعل آخر يوازيه في البشاعة إن لم يزد عليه، ولذلك فإن البيت الأبيض وجنرالات أمريكا في المناطق الإسلامية وبالذات في أفغانستان والعراق يرون في عمل شيطان فلوريدا عملاً خطيراً، وأي نشاط من هذا النوع سيعرض القوات والتواجد الأمريكي للخطر، وهو مصدر قلق للبيت الأبيض وقادة جيوشه في أنحاء العالم.
هذا القلق والخوف اللذان لا يمكن إخفاؤهما، يُظهران أن الأمريكيين يحصرون الأمر بردود الفعل ولا يهمهم التأثير السلبي والانحراف الفكري والسلوكي الذي يدفع المسيحيون إليه دفعاً من قبل شيطان فلوريدا الذي يدعو إلى مشاركة كنائس أخرى في هذا الفعل الشنيع.
تأجيج الكراهية والفعل القبيح الذي يزمع شيطان فلوريدا ارتكابه ثاني يوم العيد، ينظر إليه الكثيرون - إن سمح بالقيام به- بأنه رد سلبي على دعوات الحوار والتسامح التي تصدر من العالم الإسلامي وتواجه للأسف بأفعال وأقوال سلبية من الجانب الآخر.
****