Al Jazirah NewsPaper Thursday  09/09/2010 G Issue 13860
الخميس 30 رمضان 1431   العدد  13860
 
نزهات
ماذا ينقص (سكتم) فايز؟
يوسف المحيميد

 

قبل أكثر من عشر سنوات التقيت الفنان ناصر القصبي، وكنت آنذاك قد قرأت كتابًا رائعًا يتحدث عن كيف تُروى عشرين قصة حب، وهو عبارة عن ورشة عمل كتّاب سيناريو شباب يترأسهم الكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز، من أجل تجهيز عشرين قصة حب غريبة للتلفزيون، وكتابة سيناريو وحوار لها، والكتاب كان عبارة عن الحوار والجدل بين أعضاء الورشة حول كل قصة، مما يمنح القارئ سعادة ومتعة كما لو كان معهم في الورشة.

أذكر أنني تحدثت للعزيز ناصر عن هذه الورشة، وأهمية أن يكون لمسلسله الجماهيري ورشة عمل، فنفذت ورشة العمل بالفعل، ولكن بعد نجاحات متتالية، عاد الممثلان ناصر وعبد الله هذا العام إلى طريقتهما السابقة، واحتكرا الورشة على نفسيهما فحسب، مما ورّط المسلسل وأضعفه - في نظري - هذا العام وأسقط معظم حلقاته، فلم نجد سوى حلقتين أو ثلاث على الأكثر، مما يستحق متابعته!

في المسلسل الجديد (سكتم بكتم) للفنان الكوميدي فايز المالكي، تحقق له كل شيء، من فنان موهوب ومحبوب جماهيريًا، يمتلك كاريزما قلّما تجدها لدى غيره، فرغم براعة الشمراني والعيسى في الأداء والنكتة التلقائية غير المفتعلة، إلا أنهما يفتقدان هذه الكاريزما التي يمتلكها بجانب المالكي الفنان الكوميدي الأول ناصر القصبي. كما تحقق لهذا المسلسل الوليد مخرج تلفزيوني قدير، جاء بعد تجربة سنوات طويلة مع (طاش)، نهض به كثيرًا منذ الجزء الثالث، حتى صنع ملامحه الإخراجية التي يتمتع بها الآن، إضافة إلى نص سيناريو ليس سيئًا كتجربة أولى، وإن كانت هناك ملاحظات كثيرة جدًا عليه، كبساطة الفكرة ووضوحها ومباشرتها، حتى تحوّلت معظم الحلقات إلى أسلوب إرشادي لا يقبله المشاهد أحيانًا، فالكوميديا لا تتطلب كل ذلك التصريح، فيكفي التلميح لتمنح المشاهد فرصة الاستنتاج والتأثر، إضافة إلى أهمية جدّة الفكرة وطريقة عرضها أيضًا، فلابد أن يتنبّه القائمون على (سكتم بكتم) إلى أن المشاهد الذي قبل بهم هذا العام، لن يقبل بهم العام المقبل ما لم تقدّم له أفكار جديدة بسيناريو مكتوب بشكل احترافي، فلابد أن ينشئ القائمون عليه ورشة سيناريو منذ الآن، تعمل على جلب الأفكار الجديدة، لتضعها على طاولة الورشة، وتقوم بتشريحها جيدًا، ثم إعادة بنائها من جديد، لتصبح هيكلا متميزا قبل أن تُسند إلى أحد أعضاء الورشة أو غيرهم لكتابتها بشكل نهائي، ثم تعرض أيضاً على الورشة بعد اكتمالها كسيناريو، للنظر إذا كان ثمّة ملاحظة أو تعديل هنا أو هناك.

فالدراما والكوميديا التلفزيونية تحتاج إلى العمل الجماعي الاحترافي، وإلى وقت كافٍ من أجل الدراسة والتمحيص للنص قبل اعتماده للتنفيذ، لأنني أجزم أن بداية نجاح أي عمل تلفزيوني أو سينمائي هو النص، فهو البذرة الأولى التي إذا نجحت يمكن نجاح باقي عناصر العمل أو فشلها، لكن فشل النص لا يمكن أن يحقق نجاحًا للعمل مهما تولى أمره أمهر الممثلين وأكثر المخرجين عراقة وخبرة!

شخصياً، أتمنى من الفنان المالكي التركيز في أعماله التلفزيونية القادمة، فنجاحه اللافت في (إخواني أخواتي) قبل سنوات، وخطوته الأولى هذا العام، تفرض عليه أن تكون خطواته القادمة محسوبة ومدروسة جيدًا، فالنجاح سهل أحيانًا، لكن التطور والإضافة والتجدد هو الأمر الأكثر صعوبة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد