Al Jazirah NewsPaper Thursday  09/09/2010 G Issue 13860
الخميس 30 رمضان 1431   العدد  13860
 

في العيد... ألوان العواطف
د.موسى بن عيسى العويس

 

* عند الصغير، أو الكبير، عند الغني، أو الفقير، عند جميع الناس مهما اختلفت مستوياتهم، وتفاوتت طبقاتهم لا يمكن أن يقابلوا هذا العيد - على امتداد حياة كل منهم - إلا على إيقاع عواطف مختلفة، فرح، أو حزن، تشاؤم، أو تفاؤل.

هذا الشعور المتقلب والحاد هو الذي حدا (بالمتنبي) أن يتساءل، يوم أن مرت عليه المناسبة، وقد اختلفت عليه أحوال كثيرة، في تجاربه الكبيرة (عيدٌ بأيّة حالٍ عدتَ يا عيدُ...)).

* هو كأي إنسان قادته التجارب، وأرشده حسه المرهف إلى اختلاف الأمزجة والطباع بين البشر لأسباب متباينة، والحياة، كما هو معلوم، تمتزج فيها الحلاوة بالمرارة، ولا يمكن بأي حالٍ من الأحوال تغير تلك السنن الكونية التي يخضع البشر لها يمر (العيد) أمام الشيخ الهرم، ويتذكر بكل أسى وحسرة ماضي شبابه الزاهي المشرق، وما كان يعمر ذلك التاريخ من قيم أصيلة، ذابت، أو تحولت مع الأيام، وتغير الحياة يمر (العيد) أمام الشاب وهو في أوج قوته، وتتحطم لأي سبب آمال وأحلام عريضة رسمها، أو كان يرسمها، يمر (العيد) على الطفل أو الطفلة الواقعة في أسر المرض، أو من أجبرتهم ظروف الحياة في هذا السن دون إرادتهم فتشتد الوطأة عليهم، وهم يشاهدون أقرانهم ولداتهم، يستمتعون بأيامه ولياليه. يمر (العيد) في بعض سنيه على فئات أخرى، وهي ترفل بثوب الصحة والعافية، وتتقلّب في أعطاف النعيم، متناسية تقلب الزمن، وظروف الحياة.

* من الناس من يرى أن الإنسان بقدرته يستطيع أن يتكيّف مع الظروف، وأن ينضو عنه ثياب التشاؤم والانغلاق، وحياة الأسى والنكد، ولا ينتهز هذه المناسبة للترويح عن النفس عما يصادفها، أو يعترضها من عقبات ونكبات، ولهذا سمعنا ذلك الصوت الندي ينطلق في - صباحات العيد - من (ضياء رجب)، وهو يأمل من بعض البشر تغيير بعض الصور النمطية، ومشاركة بعض الفئات بأحاسيسها الخاصة التي ربما يغفل الكثير عنها أمام زخم الحياة، يقول بقلب مكلوم:

يا (عيد) قل لبني الدنيا وعترتها

أنتم معانيّ، أنتم أهلي الصيدُ

فأنت يا (عيدُ) أنت العيد ما اختلفت

إلا عليك الأماني الخرّدُ الغيدُ

* ويبقى هذا الأديب، كأي إنسان تلحُ عليه العواطف، وتأسر وجدانه بعض المواقف والحوادث تجاه فئات محددة، يجزم أننا كبشر ارتكبنا أكبر الأخطاء، واقترفنا أعظم الجرائم في حقها، لذا فهو يستغل مناسبات العيد وأيامه السعيدة، ليهمس في الآذان، مسقطا معاناتها على (العيد)، كي يستدرّ أمام وهجه أصحاب القلوب الحيّة:

ما ذنبُ ثكلى عدتها رحمة دلفت

إلى بغيٍّ لها رجعٌ وترديدُ

وطفلة طفلة كالزهر يانعةٍ

إذا بها والحنان الحلوُ مفقودُ

يا (عيد) كم حكمة للدهر قائلة

في العطف أسٌر، وفي الإحسان تقييدُ

* أعاده الله علينا وعليكم بالمسرات، وكل عام وأنتم بخير.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد