Al Jazirah NewsPaper Sunday  05/09/2010 G Issue 13856
الأحد 26 رمضان 1431   العدد  13856
 
لما هو آت
أبدًا لا يتوقف..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

الأيام تركض كأن على إهابها الريح، تنسرب من بين يدي الإنسان كما الماء.. وعن عينيه كالومضة الخاطفة.. وها هو رمضان بكل ما فيه من زخم، وما يملأ لحظاته من اهتبال، وما يوهم المرء بثقل حمولته فيه تلك التي يتخيل أنها ستبطِّئ من عبوره، قد أوشك أن يودع، والنفوس حرَّى، والوداع صعيب، هذا الحبيب الذي كلما نزل بساحة الإنسان جيء معه الصفاء والعطاء والصبر والسكينة والصمت والصوم والصفح والسماحة، وهمت فيه الهمم للتطهر والاغتسال، والتطيب والخلوص والخلاص، وشُحذت فيه للإخلاص والتراجع والإنابة والاعتراف، والمكاشفات الشفيفة، بل تقلصت فيه في النفوس سوءاتها، فلا كِبْر، ولا تطاول، ولا أوداج ممتلئة عنفواناً وعتواً، بل تصغر النفوس، ويتقلص عنفوانها، وتمتد فيها روافد من نور ورحمة.

رمضان الحامل شعل النور لسراديب الجنان كي تتبين صغائرها، وتتعرف حقائقها، يذهب بخيراته، ويعلن راية وداعه، ويهم بمغادرتها. ركضت لحظاته سريعة خاطفة، ومضت لياليه مشحوذة بأماني امتدادها.

فهو يُعلِّم الإنسانَ حقيقة الوقت، وسر الأجل؛ كي لا يركن لدعة التمني، فلا وقت يبقى، ولا ساعة تتوقف، ولا سرمد ليل أو نهار.. كل في فلكه يسير.. وكل لميقاته يتجلى.. أيام أقل من عدد أصابع الكف.. ويذهب آخر ظل لرمضان في أديم الطريق.. والوقت لا يتوقف البتة..



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد