أشاد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض - حفظه الله - بما صدر أخيراً من المقام السامي بإنشاء لجان إصلاح ذات البَيْن في جميع إمارات المناطق أسوة بما لدى إمارتي الرياض ومكة المكرمة، وأشار سموه إلى أن هذا الأمر الكريم جاء نتيجة النجاح الذي حققته الإمارتان (إمارة الرياض وإمارة مكة المكرمة) في هذا المجال؛ حيث شكَّلت هذه اللجان حلقات مهمة بين إمارات المناطق والدوائر الرسمية التابعة لها لحل كثير من القضايا التي تتعلق بالدماء وقطع دابر الخلافات لكي لا تمتد طويلاً، وأبرزت ثقافة التسامح وفضل الإصلاح بين أفراد المجتمع.
بالطبع، كل ما قاله صاحب السمو الملكي الأمير سلمان أمر رائع، ومآثره جليلة تضاف إلى طبيعة الحكم السعودي الذي عُرف بالتسامح والصفح والعفو ونسيان الخلافات حتى مع أعداء هذا النظام طوال تاريخه المجيد، الذي أرسى قواعده مؤسسه العظيم عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه -، الذي أسس على تلك القواعد سياسة الإدماج في الوحدة الوطنية المباركة وتشكيل (أسرة كبيرة واحدة) هي الشعب السعودي النبيل. أقول: هكذا كان يتعامل المؤسس العظيم مع (الخلافات الكبرى) التي يصعب تجاوزها لدى غيره من الحكام، ولاسيما (أثناء) تأسيس ذلك (النظام)، فكيف الحال وقد أصبح ذلك النظام الفذ يقود شعباً موحداً (يعيش كأسرة كبرى)، ليس بين أفراده سوى ما بين أفراد الأسرة العادية من خلافات فردية صغيرة وسهلة الحلول. أقول: وانطلاقاً من ثقافة التسامح تلك التي أرساها المؤسس العظيم فقد استنَّ أحد أبنائه البررة سُنّة حميدة في إصلاح ذات البَيْن بين أفراد هذه الأسرة الكبرى (الشعب) منذ ثلاثين عاماً، ونعني بذلك صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض - حفظه الله -. فالأمير سلمان - رعاه الله - قد وجَّه منذ ثلاثة عقود بتشكيل لجنة إصلاح ذات البَيْن في إمارة الرياض؛ وذلك للسعي بالصلح والعفو في القضايا التي يسوغ التدخل فيها (شرعاً) ونظاماً، وهي تضم في عضويتها عدداً من المسؤولين في الإمارة وبعض أصحاب الفضيلة العلماء والوجهاء ومحبي الخير. وقد أنجزت تلك اللجنة المئات من الحلول النبيلة فيما يخص الصلح والعفو والتنازل ورأب الصدع والتسامح بين المواطنين. وقد حذت حذو لجنة إصلاح ذات البَيْن في إمارة الرياض لجنة أخرى شكَّلها تالياً صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، حسبما أشار إلى ذلك الأمير سلمان ضمن إشادته بما صدر أخيراً من المقام السامي الكريم بإنشاء لجان أخرى في جميع إمارات مناطق المملكة.واليوم، وحينما (تُلزم) جميع إمارات المناطق بتطبيق هذه السُّنة الحميدة، أي لجان إصلاح ذات البَيْن؛ ليشمل خيرها جميع سكان هذا الوطن الذي بُني - أصلاً - على الصلاح والإصلاح واستمر على ذلك حتى وصل إلى عهد ملك الصلاح والإصلاح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله -، أقول: وحينما تلزم الإمارات بذلك فإننا نطمح أيضاً إلى أن تتوسع هذه السُّنة النبيلة لتشمل مساحات أكبر من هذا الوطن الغالي؛ حيث تُشكَّل (لجان أصغر) للغرض ذاته في المحافظات والمدن والهجر والأحياء، تتكون من الخيّرين من الرجال المعروفين بالتقوى والحكمة والحنكة والنزاهة وبُعد النظر، ويكون عملهم تطوعياً وخالصاً لوجه الله وحب الخير؛ وذلك لتخفيف الضغط على لجان إمارات المناطق؛ ليعمَّ خير هذه السُّنة الحميدة جميع أرجاء الوطن بمختلف أفراده وأسره وعشائره وقبائله ومدنه وقراه وحتى هجره الصغيرة النائية. أقول: لو فعلنا ذلك فإننا نجزم حتما بأن كل مشاكلنا الاجتماعية مهما صغرت أو كبرت فإن مصيرها التلاشي، وفي وقت ليس بالطويل، وسنكون - بإذن الله - مجتمعاً مثالياً لا مشاكل فيه. فهل نحن فاعلون؟ ذلك ما نرجوه.