الأسعار التي تعرضها مؤسسات وشركات خدمات المعتمرين في شهر رمضان المبارك وبالذات في العشر الأواخر في هذا الشهر الفضيل، تجعل من أداء العمرة مقصوراً على الأغنياء، بل الأغنياء القادرين على تخصيص أكثر من مائة ألف ريال لعائلة صغيرة مكونة من زوج وزوجته وبلا أطفال، أما إذا زاد عدد العائلة فتزداد التكلفة وتتضاعف.
في مكة المكرمة عشرة فنادق من فئة خمس نجوم، وأكثر من مائتي فندق دون ذلك، وأكثر من سبعة آلاف بناية لإقامة الحجاج والمعتمرين، إضافة إلى شيوع تأجير الشقق التي يتخلى عنها ساكنوها في مواسم العمرة وبالذات في شهر رمضان، وهناك من يؤجر غرفاً في شقته الخاصة في هذا الشهر الفضيل، ومنهم من يستضيف أبناء جنسيته من أهله وأقاربه القادمين من خارج المملكة.
إذن الطاقة الإيوائية في مكة المكرمة كبيرة، وكبيرة جداً، فلماذا هذا الارتفاع المبالغ به من قبل مؤسسات وشركات خدمات العمرة وأصحاب الفنادق والشقق المفروشة وأماكن إيواء المعتمرين؟!
أسعار غرف الفنادق والشقق في العشر الأواخر المباركة وصلت إلى خمسين ألف ريال للغرفة الواحدة في المنطقة المركزية القريبة من الحرم المكي، والتي أبعد قليلاً إلى ثلاثين ألف ريال للغرفة الواحدة، وكلما ابتعدت قليلاً يقل المبلغ إلا أنه لن يقل في جميع الأحوال عن عشرة آلاف ريال للغرفة الواحدة في الأماكن البعيدة التي يتوجه إليها قاصدو أداء العمرة من الدول العربية والإسلامية ذات الدخول المتوسطة، والذين أيضاً يعانون من ارتفاع أسعار الطعام والخدمات الأخرى، في حين يزاحم الأغنياء من المواطنين السعوديين ودول مجلس التعاون الخليجي بعضهم البعض للسكن والإقامة في المنطقة المركزية، ولا يتردد المواطن السعودي والخليجي الثري من دفع ربع مليون ريال لإقامة أسرته في الفندق الذي سبق وأن اختاره وحجز به لقضاء أيام وليالي العشر الأواخر، أما المواطن المتوسط الحال والمسلم المعتمر القادم من البلدان الإسلامية الأخرى الذي لا تساعده إمكانياته المادية فيتجه إلى أقرب شارع ليفترشه، ويقضي جل وقته هو وعائلته وأطفاله في الحرم، وإذا أسعفه الحال وجد غرفة في الأحياء البعيدة عن الحرم يتكدس هو وأبناؤه بها، وبعد أن يقضي يومين أو ثلاثة وقبل أن تنفذ نقوده يحزم أمره ويغادر مكة المكرمة محروماً من الذي يتمتع به غيره لأنه يملك مالاً أكثر منه..!!
jaser@al-jazirah.com.sa