يقدّر عدد الجمعيات الخيرية بالمملكة بحوالي (850) جمعية، بعضها يساعد المحتاجين والفقراء، وبعضها تخصص في مساعدة المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة، ومن الملاحظ أنّ هناك طبقية .....
.....في تلك الجمعيات وتفاوت في مستوى دخلها وحجم التبرعات التي تصلها !
وعلى سبيل المثقال فأنا أتابع منذ سنوات إعلانات إحدى الجمعيات وهي جمعية ضرية الخيرية، وضرية مدينة قريبة من محافظة الرس، وأعتقد أنها تعاني من فقر مثلها مثل كثير من الجمعيات التي تقع في المدن الصغيرة، لكنها دؤوبة على الإعلان في الصحف تطلب الزكاة والصدقات خاصة في رمضان! تعلن إعلانات (مبوبة) وسعر الإعلان المبوّب غالباً لا يتجاوز المئتي ريال، مما يؤكد أنها جمعية من ذوات الدخل المحدود، بينما نلاحظ أنّ جمعيات أخرى تعلن بصفحة كاملة أو نصف صفحة في عدة صحف، ولها مطبوعات فاخرة تصل للبيوت والشركات ورجال الأعمال !
وبعضها يقيم مخيمات لتفطير صائم، مع أنّ تفطير صائم ليس من مهامها (الأصلية)، والصائمون خاصة من إخواننا العمال تقوم المساجد بتفطيرهم بكفاءة واقتدار، والصرف الباذخ لبعض الجمعيات يعني أنها تنفق مما تملكه من أرصدة فائضة !
وأنا هنا لا أقلل من جهود أية جمعية، وأدعو إلى أن يتحمل المواطن مسؤوليته في دعم جهود الجمعيات لتستكمل رسالتها الدينية والاجتماعية وسعيها إلى توثيق التكافل الاجتماعي، لكن الجمعيات الخيرية في المدن الصغيرة والقرى ظروفها أصعب وظروف فقرائها أقسى، والفقير في مدينة صغيره ونائية أكثر احتياجاً من فقير في مدينة كبيرة، فالفقراء في المدن الكبرى الأغنياء حولهم كثر ولديهم فرص أكبر للبحث عن عمل، بينما المدن الصغيرة أو القرى يندر الحصول فيها على فرصة للعمل !
لذلك فإن وضع حساب موحّد تشرف عليه إدارة تنضوي تحت إشرافها جميع الجمعيات الخيرية، وتكون مهمتها توزيع ما يصل إليها من أموال بحسب الاحتياج لكل جمعية، وما يفيض تقوم بتنميته من خلال مشاريع وأوقاف تساهم في دخل ثابت للجمعيات، المملكة شاسعة الأطراف، وفي المدن الرئيسية يمكن لأي جمعية أن تحصل على الدعم، لكن هناك جمعيات تتولى أمر فقراء في بعض المناطق لا تصلها المساعدات والتبرعات التي تكفي لتقوم برسالتها !
الصورة المشاهدة الآن أن هناك جمعيات تحاول أن تسد رمق أسر فقيرة، وتسعى لتوفير الاحتياجات الأولية من أكل وشرب وسكن، وهناك جمعيات توسعت كثيراً في خدماتها حتى وصلت إلى تفطير الصائمين منافسة المساجد في خدماتها لتقوم بلزوم ما لا يلزم، وهناك جمعيات صدرت لها فتاوى تجيز لها أخذ المساعدات والزكاة والصدقات، وجمعيات أخرى لم يفت لها رغم التشابه الكبير في الأدوار، وكلها جمعيات خيرية تستهدف فعل الخير ومساعدة المحتاجين ورعاية المرضى !
جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي والتي تبلي بلاءً حسناً في مجالها وحتى الآن قامت بإجراء أكثر من مائتي ألف جلسة غسيل كلوي خلال سنتين، ولها تجربة ناجحة مع شركات الاتصالات من خلال حث المشتركين للتبرع بإرسال رسائل SMS، فلماذا لا تعمّم التجربة لكل الجمعيات المسجلة رسمياً والتي أخذت شرعيتها من الدولة؟!
ختاماً أعتقد أن تكوين إدارة مشتركة للإشراف على التبرعات قد لا يرضي مسؤولي بعض الجمعيات ولكنه الحل المعقول، لكي لا تبقى جمعيات متخمة بالأموال وأخرى تعلن أنها مهمتها أن تكافح الفقر بينما هي تعاني من الفقر !
alhoshanei@hotmail.com