Al Jazirah NewsPaper Wednesday  01/09/2010 G Issue 13852
الاربعاء 22 رمضان 1431   العدد  13852
 
زمن الاحتراف وعبث الهواية!!
فهد بن عبدالعزيز التويجري

 

لعلي لا أبالغ كثيرا عندما أبدي إعجابي بالمادة الرياضية الدسمة والتي تقدمها القناة الرياضية السعودية من خلال برنامج (فوانيس) الرمضاني ورغم بعض الهفوات الهامشية والتي تصدر أحيانا من بعض الضيوف المحتقنين والمشحونين (تعصبا) إلا أن البرنامج في مجمله يحاكي شجون المتابع الرياضي بطرحه لموضوعات حساسة أرى أنها تشكل أهم المعضلات المقيدة للتطور الكروي المنشود.. وقد لفت انتباهي في إحدى حلقات البرنامج تطرق الضيوف لأزمة الأندية ماليا، والتداخل الجميل من الزميل عبدالله العجلان عندما أشار إلى أن العامل المادي والإنفاق المتعثر للأندية هو أهم العوامل المعطلة لمسيرة وعمل الأندية الرياضية.

ولعلي هنا أؤكد على أن كل الأندية السعودية وخصوصا تلك التي لا تملك عقود رعاية مع الشركات التجارية تعاني أشد المعاناة من شح الموارد المالية وعدم قدرتها على توفير أبسط مقومات الاحتراف، وهنا لن أتحدث عن الدعم الحكومي للرياضة لإيماني بأن ما تنفقه الدولة على الرياضة هو مؤشر جيد لسياسة إنفاق متوازنة يراعى فيها التدرج الطبيعي والعقلاني للأهمية، ولكن سأتحدث عن أحد أهم مصادر الدخل للأندية الرياضية بعد دخولها عصر الاحتراف ألا وهو مايدفعه المشاهد الرياضي ثمنا لمتابعة فريقه الكروي فضائيا، وهو المصدر الذي أرى من وجهة نظر شخصية أننا فشلنا في استثماره رغم كونه مصدرا ذهبيا لا يمكن إغفال عوائده، ولكننا بكل أسف فشلنا في التعامل معه.

ورغم مرارة التشفير وقسوته على مجتمع شغوف بالكرة وشؤونها إلا أننا قبلناه بعيوبه نظرا لكونه لغة العصر السائدة ومن خلاله تستطيع الأندية أن تحصل على مبالغ مالية عالية تساعدها في تنفيذ خططها وبرامجها، وقد استبشرنا خيرا حينما بادر الاتحاد السعودي لكرة القدم بإبرام أول عقد نقل حصري لمباريات الدوري السعودي مع إحدى شركات النقل التلفزيوني الفضائية وهي شركة ART ولمدة ثلاثة مواسم بمبلغ قدره ثلاثمائة مليون ريال، وهو العقد الذي ساهم في توفير مصدر دخل إضافي للأندية، ونظرا للنجاح الذي حققته الشركة الناقلة فقد تدافعت الشركات الأخرى لتزاحم قنوات ART للفوز بعقد النقل الحصري بعد قرب انتهاء عقد الثلاث سنوات.

ولقوة وإثارة الدوري السعودي فقد كانت المنافسة على أشدها بين شركات النقل وهو مادفع مدير قنوات الجزيرة الرياضية الأستاذ ناصر الخليفي للخروج بتصريح قال فيه: إنه لن يتنازل عن المنافسة لشراء حقوق نقل الدوري السعودي حتى وإن وصل المبلغ لمليار ريال، وكان أكثر الناس سعادة بتلك المنافسة القوية هي الأندية الرياضية كونها المستفيد الأول من العوائد المادية، ولكن القيادة الرياضية وبحس وطني آثرت التمديد سنتين إضافيتين لصالح قنوات ART (الوطنية) وبمبلغ ثلاثمائة مليون ريال وضحت بالمبلغ الضخم المقدم من شركة (لينجو) الوكيل المعتمد لقنوات الجزيرة الرياضية بالمملكة، ورغم أننا جميعا قد أيدنا القرار الحكيم بالتمديد لشركة وطنية إلا أننا ومن خلال حس وطني أيضا نستغرب صمت القيادة الرياضية المعنية أولا بحفظ حقوق الأندية على عملية بيع قنواتART بكاملها لصالح قنوات الجزيرة الرياضية!! كون وطنيتنا الصادقة تجاه الشركة (الوطنية) قابلها جحود كامل بعد أن باعتنا وباعت قنواتها ووطنيتها أمام إغراء مادي وصل إلى 2,750 مليار دولار، ولأن جزءاً من هذا المبلغ الهائل هو ثمن النقل الحصري للدوري السعودي فلذلك أتمنى وأرجو من قيادتنا الرياضية السعودية التدخل والمطالبة على الأقل بكامل قيمة الفرق الشاسع بين عرض الـ ART وعرض قنوات الجزيرة الذي رفضناه و قبضته الشركة بعد عملية بيع قنواتها، وهو المبلغ الذي أرى بأن أنديتنا الرياضية أحق به ولن نقبل بأن تخسره نتيجة لنوايا وطنية صادقة تم بيعها علنا وبالدولار!!

ولعلي في هذا الشأن أشير إلى أنني قد كتبت قبل مايقارب الثلاث سنوات مقالا نشر في جريدة اليوم أن وسطنا الرياضي يعتبر بيئة خصبة للاستثمار، بل أرى أنه أوسع مجال استثماري رياضي في منطقة الشرق الأوسط، وهو منطقة جذب ظاهرة لشركات المال والأعمال. وطالبت وقتها ألا تكون هذه البيئة الجاذبة حقلا تنهل منه الشركات الاستثمارية دون أن تنال أنديتنا منه سوى القشور.

وهذا بطبيعة الحال نتيجة التفاوت الملحوظ بين العقلية الاستثمارية المحترفة والمتخصصة وبين مسؤول المنشأة الرياضية ذي العقلية الهاوية!!

ولعلي أعيد في هذه السطور مطالبتي الملحة بتواجد العقول الاقتصادية والقانونية والمؤهلة علما وتجربة في الأندية الرياضية وكذلك الاتحادات ضمانا لحفظ ثرواتنا الرياضية من جشع وأطماع وحوش المال. أما إذا ماستمر الوضع كما هو قائم الآن فلا شك بأن استمرار معاناة الأندية ماديا سيستمر لأجل غير قريب، وسنظل نمارس الاحتراف اسماً دون تطبيقه فعلاً.. وذلك لافتقادنا الأدوات الصحيحة واللازمة لفعل ذلك.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد