صورتان، لا تزولان من أمام عينيّ. الصورة الأولى لسيارة نصف نقل (ونيت) مكشوفة الحوض، وفيها مجموعة من الأطفال العائدين من المدرسة، ومن شدة تكدسهم يقف بعضهم على «الصدّام» الخلفي للسيارة، والتي تسير في الشوارع بكل ثقة وبلا أي إحساس بالذنب.
مثل هذا الأب الذي يضع أطفاله في مرمى القتل، أكيد أنه لم يجد من يردعه. لا مرور ولا شرطة ولا حقوق إنسان. طبعاً، سيكون مبرره أنه فقير مسكين، ليس له حيلة اقتصادية تمكنه من شراء سيارة مغطاة ينقل بها أطفاله. فهل هذا مبرر كاف لتعريض الأطفال للقتل بهذا الشكل غير المسؤول؟!
إن مثل هذه الصورة صارت اليوم أشبه بالهوية، فنحن نراها في كل الأحياء الفقيرة وربما المتوسطة، في جميع مدننا، دون أن يعلق أحد جرس هذه الظاهرة الخطيرة والتي ذهب بسببها أطفال كثيرون، إما قتلاً أو إعاقة. ولو أن المرور أو الشرطة تلقت أوامر صريحة بإيقاف وتغريم وسحب سيارة كل من يرتكب هذه المخالفة، لما ظللنا نراها كل يوم، ولما ظللنا نفقد بسببها أطفالنا كل يوم.
ستقولون لي:
- طيب، لماذا لا تطالب بإيجاد حلول للفقر؟!
وسأقول لكم:
- يبدو أننا سننتظر طويلاً إلى أن يتم إيجاد هذه الحلول. وإلى ذلك الحين، دعونا على الأقل، نطالب بحماية أطفالنا من الموت.
وغداً الصورة الثانية