Al Jazirah NewsPaper Wednesday  01/09/2010 G Issue 13852
الاربعاء 22 رمضان 1431   العدد  13852
 
لما هو آت
إنَّه تخيلٌ على أية حال..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

لو كان لكرة القدم لسان، أتخيل أنها ستصول بين الجالسين على المقاعد، والمعتلين المنابر، والمحلقين في سماوات المراتب، لتقول لهم: تحركوا هذا مكاني...

وستركل العلماء والأدباء والمبدعين، والمعلمين والمهندسين والبنائين والمفكرين في جنوبهم مداعبةً لهم، ولسان حالها يسألهم: ما الذي أفادتكم مكاسبكم..؟

وستطلق ضحكاتها تجلجل في ردهات البنوك تنظر شذراً لمن يذهب يعتمر طاقية العلم وبيده قروش قليلة لا تكفي كل حاجاته... ولمن رسم الكفاح فوق جبهته خطوط العناء في ليله ساهر يبذل وفي نهاره راكض يخدم، ورصيده شحيح مقتتر في كشف يهز له رأسه... ولمن يقف في خط المنتظرين «راتبَه».. وقد ذهب نور عينيه خلف التنقيب في بطون الكتب، أو التفكير في صناعة تفيد الناس، أو في رسم برامج خدمتهم... وهو يتحسر لقلته..

لو كان لكرة القدم الثرية الباذخة، لسان، أتخيل أنها لن ترضى بصيتها الشاسع، ولا بدخلها الفاحش، ولا بتأثيرها الطاغي... بل ستتطلع لما هو أكثر وأشسع..

لكن، حتى لو لم يكن لها لسان مسموع... ستبقى السيدة المتربعة على المجد تدك العقول بطَرْق الأقدامِ في أي وقت من زمان.. أو مكان.. لا ضير حتى وإن كان في رمضان.. ولسان حالها: ضعيف هو الإنسان على أية حال ضعيف..!

معذرة لكل الناس في أي مكان في الأرض يمنحونها وقتهم وههممهم... وأموالهم بينما كوارث البيئات، وجهل الناس، وفقر العالم، وشتات النفوس والعقول... وأمراض البشرية، وتبدلات الظواهر الطبيعية... وحاجة الطفولة، وتيه الشيخوخة... وعطش الأرض... وثقب الفضاء... كلها... تدك حصون الراحة في قلوب «الإنسان»... وتطيل ليل الغربة عليه...! وثمة آلة تصنع هذه الكرة البلاستيكية، كما تصنع المدية والصاروخ... ولعبة الصغير... وورق كتاب الأبجدية... وكيفية طبخ الباستا...



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد