من خلال عملي في تتبع الأعلام من النساء والكتابة عنهن، عدت إلى مراجع كثيرة في التراجم لأستخلص منها المعلومات التي تعرّف بمن أكتب عنهن.

وكثيراً ما كانت تستوقفني تراجم الأعلام من العرب والمسلمين في مصادر التراث العربي، فأجد أثناء قراءتي لتلك التراجم معلومات غزيرة لا تتوقف عند الحد عن الحديث عن العلم حديثاً تقليدياً أي الحديث عن مولده وحياته وأسرته وميلاده وتعليمه، بل قد تحتوي على ما هو أبعد من ذلك مما يعد تاريخاً اجتماعياً، ولتنوع تلك الأخبار ذات الصبغة الاجتماعية والتي تقدم لنا دلالات مهمة عن وضع المجتمع الإسلامي عبر عصور مختلفة أيقنت أن كتب التراجم هي في حقيقتها المصادر الأساسية للتعرف على المجتمع المسلم، وليست مجرد مراجع للتعرّف على أشخاص بعينهم ولو حاولت ضرب أمثلة فإن ذلك سيكون على حساب ما أطالب به من تقديم معلومات مختصرة موجزة في مثل هذا المقال الأسبوعي.

لذا لعلنا نكثف من التوجه نحو هذا النمط من المصادر لنكتشف مسيرة مجتمعاتنا عبر القرون وما كانت تتميز به، والاختلاف بينها من منطقة إلى أخرى والمؤثرات الواضحة عليها.

إن التوجه إلى دراسات المجتمع العربي من خلال كتب التراجم ستفتح لنا آفاقا واسعة، وتعين على سد ثغرات في دراساتنا التي ما زال الجانب السياسي يسيطر عليها.

كما أن توجيه طلاب الدراسات العليا نحو الاستفادة من كتب التراجم للبحث في التاريخ الاجتماعي سوف يساعد على إتاحة المجال أمامهم لتقديم أعمال أكثر فائدة من مجرد رصد أحداث ووقائع دون تحليل واستنتاج.