التنمية بمفهومها الإنساني وبُعدها الحضاري، لابد أن تشمل أرجاء الوطن وتتواجد وتتحرّك في كافة المجالات, إذ لا تتوافر صحة في مجتمع فقير, ولا تطوُّر بدون علم ومعرفة واقتصاد قوي, ولا مستقبل مشرق إلاّ بشباب حي باذل معطاء..
في مملكة الخير وفي عهد الملك الصالح العادل عبد الله بن عبد العزيز، رأينا كيف غطت سحابة الخير بقاع الوطن لا فرق بين شرقه وغربه شماله وجنوبه, وكيف اتجهت نحو بناء الإنسان السعودي بمختلف تطلّعاته ومتطلّباته, هذه هي التنمية الحقيقية، وهكذا تكون مجدية فاعلة ومنتجة حينما تمتد يد العطاء وتصل الخدمات الضرورية للقرية الصغيرة كما المدينة الكبيرة, وهذا ما نريده أن يتحقق في عموم القطاع الرياضي أندية ومنشآت ألعاب ولجان واتحادات، وتحديداً بالنسبة للإعانات السنوية البائسة للأندية والاتحادات, والتي باتت معيقة للتطوّر الرياضي ومعطّلة للخطط والأفكار ومحبطة للإداريين المتحمسين لخدمة أنديتهم..
قبل أيام كانت لي مداخلة مع برنامج «فوانيس» تحدثت فيها عن أهمية الدعم الحكومي للرياضة السعودية، وعن دور المال في تطوير المنشآت وضبط الاحتراف والارتقاء بالتحكيم، ورفع مستوى وزيادة إنتاجية الأندية ذات الدخل المحدود, كما انّ ولاء اللاعب أصبح لعضو الشرف الذي يدفع أكثر وليس للنادي أو حتى المنتخب.. بعد انتهاء المداخلة فوجئت بتعليق غريب من ضيف البرنامج الزميل حمد الدبيخي، يعترض فيه على ما ذكرت، ويؤكد أنّ مشاكلنا الرياضية ليست مالية, لكنه في اليوم التالي وفي البرنامج نفسه ظهر متناقضاً ونسي ما قاله بالأمس عندما أشار إلى أن ناديه الاتفاق لن يعود إلى ماضيه الجميل، ولن يكون منافساً على البطولات، في ظل شح موارده المالية، وعزوف أعضاء شرفه وعدم استلامه لمستحقاته المقررة من هيئة دوري المحترفين..
كما تلاحظون يحدث هذا لفريق كبير وعريق كالاتفاق، فما بالكم بالفرق الأخرى في دوري زين, وفي دوري الأولى والثانية والثالثة, و خصوصاً أن هذه الأندية تمثل المنطلق والقاعدة لاستقطاب الموهوبين والبيئة المنتجة للنجوم في كرة القدم والألعاب المختلفة, وأنا هنا أعود وأكرر القول بأنّ الرياضة السعودية لن تتقدم مادامت لا تستفيد من إمكانات وخبرات، ولا تستثمر طاقات ولا تمنح الفرصة للعقول والكوادر البشرية في الأندية والمناطق البعيدة، وطالما أنّ منشآتنا بهذا الشكل والدعم الحكومي لا يغطي سوى القليل من التزامات واحتياجات أكثر من 140 نادياً تحت خط الفقر..
وللبكائيات بقية
يخطئ كثيراً من يتصوّر أنّ مثل الاستفتاء الأخير لقياس شعبية الأندية ليس مهماً ولا قيمة له، لمجرّد أنه لم يحقق رغبته ولا يناسب ميوله ومصالحه, ويخطئ أكثر من لا يحكم عقله ويستسلم لعواطفه ولا يتعامل معه على أنه أمر واقع لا مفر منه وحقيقة دامغة، تتطلّب قبولها واحترامها تماماً كأية نتيجة أخرى لهذا السباق، أو تلك المنافسة في الرياضة أو ميدان الحياة عموماً..
على ضوء ما أسفرت عنه نتائج الاستفتاء الواسع لشركة «أبسوس» الأمريكية والتي جاءت لتؤكد صحة الأرقام والنتائج السابقة، وتثبت من جديد أنّ الهلال صاحب الشعبية الأولى في المملكة، وبفارق كبير عن أقرب منافسيه الاتحاد، لم يكن مفاجئاَ لي وللكثيرين أن تصدر ردود أفعال ساخطة تفرّغت للشتم والتشكيك مثلما هي دائما بعد أي نجاح أو منجز أو لقب أو بطولة مرتبطة بشيء اسمه الهلال, وهي بذلك ستورّط نفسها وستظل غير قادرة على معالجة مشاكلها والخروج من مأزقها أكثر من أن تؤثر أو تلغي أو حتى تشوّه أو تشوّش على نتيجة محسومة لا مجال لشطبها بالكلام ومصادرتها بالأمنيات والأحلام..
من يريد أن ينافس الأقوياء ويتذوّق طعم التفوّق ويتزيّن بذهب البطولات، عليه أن يعترف أولاً بواقعه ويتخلّص ثانياً من عقدة الشك وسوء النوايا, والتوقف حالاً عن مطاردة سراب لا طائل منه سوى المزيد من التدهور والخراب..
القرار المقلب
بعيداً عن الخوض في تجدّد الأزمة الأهلاوية الموسمية أطرافها وأسبابها وكيفية انفراجها، من الضروري أن نعرف لماذا تم الاستغناء عن المدرب النرويجي «سوليد» بعد إشرافه على ثلاث مباريات فقط ؟ وهل كانت كافية للحكم عليه؟ وطالما أنّ الأهلاويين اكتشفوا بهذه السرعة أنه «مقلب» وغير مؤهل لتدريب الفريق، فمن المهم أن لا تمر هذه الفضيحة مرور الكرام، وبالتالي نفهم ويفهم الجمهور الأهلاوي ما هي في الأصل أسس ومعايير اختياره وكيف تم التعاقد معه؟ ومَن الشخص أو الجهة التي تتحمّل مسئولية اتخاذه قراراً خاطئاً وفادحاً ومكلفاً على خزينة نادٍ ومستقبل فريق وآمال وطموحات جماهير؟!
من السهل جداً على صعيد الأندية أو المنتخبات وغالباً من أجل امتصاص غضب الجماهير ساعة الفشل وصرف أنظارها عن الأخطاء الأخرى الحقيقية، من السهل أن تلغي هذه الإدارة أو تلك عقد أي مدرب وأن تقنع الجماهير بأنه غير مناسب حتى وإن كلّف الجهد والوقت وملايين الريالات, لكن من الصعب وربما من المستحيل أن تعلن تحملها مسئولية إخفاقها إدارياً, أو أن تعترف بتقصيرها وبارتكابها خطأ التعاقد مع المدرب دون أن تتأكد من سيرته وتاريخه ومدى ملاءمته لظروف وأجواء وإمكانات الفريق..
أمام الرحلات المكثفة والمتتالية والسريعة في المواسم الأخيرة لمئات المدربين قدوماً ومغادرة، يتأكد لنا أن العيب في معظم الحالات ومهما كانت المبررات ليس في المدرب نفسه، وإنما يكمن في صاحب القرار سواء في عملية التعاقد معه إنْ كان مدرباً مقلباً أو في الاستغناء عنه إن كان عكس ذلك, إضافة إلى أنّ هذه القرارات العشوائية حيناً والعاطفية أحياناً تساهم في عدم الاهتمام بالأخطاء والمشاكل الأخرى الإدارية والعناصرية..
أخطاء الحكم عباس إبراهيم تضرّر منها التعاون أكثر من النصر, بينما الصخب والشجب عكس ذلك تماماً..
توقيت إيقاف اللاعب فيقاروا يدل على أنّ لجنة الانضباط لم تستفد من سلبيات القرارات نفسها وأسوأ منها في الموسم الماضي..
تصريحات الأمير فيصل بن تركي تشير إلى أنّ زينقا سيكون الضحية الثانية بعد سوليد الأهلي..
تعب الرائديون كثيراً واستعدوا للموسم جيداً فكانت النتيجة عودة قوية ضاربة لرائد التحدي..
تحديد رموز الاتحاد بثلاثة فقط ستعيد العميد إلى نقطة الصفر وستفتح عليه أبواب صراعات مغلقة ومشاكل منتهية..
abajlan@hotmail.com