أصبح لقاء الوزير بالإعلاميين من النوادر ليس لأن أبواب الوزراء مغلقة وموصدة، ولكنه تشكل لدى الوزراء مشاعر بأن بعض الإعلاميين والصحفيين قد لا يقولون (كل) الحقيقة وأن الآخرين في (النواشر) الأخرى يقلبون الحقيقة، هذا ربما يكون ما اعتقد البعض من الوزراء لكن وزير الصحة معالي د. عبدالله الربيعة كسر هذا التقليد والاعتقاد وتملكته الشجاعة والتقى بعدد من كتاب الرأي والصحفيين المهتمين بالقطاع الاقتصادي والطبي، وأي شجاعة لها ثمن ولا أدري إن كان د. عبدالله الربيعة استعد للسؤال عن غازي القصيبي رحمه الله رحمة واسعة حيث كان د. عبدالله الربيعة يتحدث إلينا بسلاسة وانسيابية لا (مكمكة) ولا عبارة (وا .. وا .. وا) وهي مساحة للحذر والتفكير ولا تلك المقولة:» هذا الكلام ليس للنشر». يتحدث عن خطط الوزارة ومشاريعها وهياكلها وأدلتها التخطيطية والتنظيمية وعن طموح الوزارة وإعادة بنائها إدارياً وطبياً وبقي موضوع رحيل غازي القصيبي وهو قدر وأجل كل نفس ذائقة الموت، فهل كان خطأ طبياً أم أنه أجله المحتوم وعنف هذا المرض الذي لا يمهل .. لكن بالتأكيد أن لدى الوزير الربيعة الإجابة وتفاصيلها حيث قال: علاج د. غازي كان في أمريكا تشخيصاً وعلاجاً .... لكن كنا نود أن نعرف عن الأيام الأخيرة لصاحب حياة في الإدارة ولأن غازي كان يكتب كل تفاصيله ويدون أنفاسه ودقات قلبه ووخزات فؤاده .. أتمنى سماع أواخر أيام غازي الوزير والكاتب والإنسان والشاعر لكن يبدو أن الوزير الربيعة فضل الصمت واختار السكوت لأنه يرى أن غازي جاء من أمريكا بملفه الطبي بنفس راضية مرضية ليموت في وطنه وبين الوجوه التي أحبها وأحبته.
وزراء قطاع الخدمات بلا شك لا يرحبون بلقاء الإعلاميين على نطاق واسع تهرباً من الأسئلة التي لا إجابة لها أو الأخطاء التي تتغذى عليها وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية والرسائل النصية والتخاطبات الجوالية فالمجتمع تحول إلى وسائل وأدوات إعلام وانكسرت قاعدة الفئة المثقفة والنخب ليدخل طلاب المدارس في المراحل الأولية والإعدادية طرف في نقل الأخبار عبر جوالاتهم نصاً وتخاطباً وأصبح شريط الأخبار على القنوات الفضائية ناقلاً سريعاً للأخبار فهذه السلطة الجديدة للإعلام الشعبي أزاحت قليلاً القنوات الرسمية والصحافة شبه الرسمية لتكون هي مصدر الأخبار و تعددية مفتوحة فهذا أدى إلى ردة فعل سلبية حيث انحسار تواجد الوزراء على وسائل الإعلام واللقاءات الجانبية مع الإعلاميين والندوات المهنية مما أضعف الصلة بين الإعلام وصاحب القرار ومن التعرف على وجهة نظر المسؤول الأول ورؤيته وفلسفته ومنهجيته في إدارة الوزارة والتعرف أيضاً على طموحاته الشخصية في تطوير القطاع والإمكانات المتاحة لتنفيذ المشاريع.
فقد يكون الوزير الربيعة محفزاً لوزراء قطاع الخدمات أن يلتقوا باستمرار بكتاب الرأي وبالصحفيين والأكاديميين في مجال التخصص بدلاً من المواربة والتواري خلف المتحدث الرسمي أو موقع الوزارة الإلكتروني.