عندما تصدر الهيئات الصحية الشرعية بالمملكة للفصل في الشكاوى التي ترفع ضد مرتكبي الأخطاء الطبية في بعض مستشفياتنا، عندما تصدر (670) قراراً ضد مرتكبي الأخطاء الطبية، فإن وزارة الصحة تصنع بذلك خارطة طريق نحو سلامة المريض أولاً وصلاحية الخدمات الصحية ثانياً، وجاهزية الأنظمة الحقوقية لديها ثالثاً.
بل إنها بهذه القرارات تسجّل موقفاً تُشكر عليه من المواطن الذي رفع صوته بالشكوى من كثرة الأخطاء الطبية التي رسمت صورة ذهنية في عقله ووجدانه تجاه الخدمات الصحية في بعض مستشفياتنا التي أساءت بجدارة إلى سمعتنا الطبية في الداخل والخارج.
الهيئات الصحية الشرعية العاملة لدينا، لم تباشر عملها إلا من العام الماضي، ومع ذلك نجحت إلى حد ما في رسم واقع الأخطاء الطبية من منظور إحصائي يقود بلغة الأرقام إلى معرفة السلبيات التي أزعجت المواطنين لتداركها وتحديد أوجه القصور ووضع الحلول من جهات الاختصاص من أجل صناعة «منجز طبي» يليق بمملكة الإنسانية، التي امتد خيرها إلى قارات العالم من خلال عمليات فصل الأطفال السياميين على يد وزيرنا النشط الدكتور عبدالله الربيعة.
لا أريد أن أتحدث عن تلك القرارات التي أشارت بأصابع الاتهام إلى أوجه القصور ضد العاملين في وزارة الصحة والقطاعات العسكرية والقطاعات الجامعية بل وضد العاملين في المستشفيات والمراكز الأهلية، والسلسلة طويلة جداً من خلال 670 قراراً، نرجو أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ لتحفظ وزارة الصحة للمواطنين حقوقهم الصحية وللدولة هيبتها، وأنا بقدر فرحي بولادة هذه القرارات، بقدر حزني وأسفي وألمي بأن المدانين في تلك القطاعات الصحية هم من حملة الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس، مما يجعلنا نسأل عن صحة وسلامة مؤهلاتهم الطبية التي سمحت لهم بالعبور إلى قطاعاتنا الصحية، ويستمر العجب الممزوج بالألم على واقع بعض مستشفياتنا التي تحولت بسبب هؤلاء المتلاعبين إلى ساحات نصب واحتيال في كافة التخصصات: النساء والولادة والجراحة والعظام والمسالك البولية والمخ والأعصاب وأمراض الأطفال، وإن الهيئات الصحية الشرعية لم يضعها ولي الأمر إلا للفصل في الشكاوى التي ترفع من المواطنين والمقيمين ضد مرتكبي الأخطاء الطبية أياً كانوا زماناً ومكاناً لتحقيق كفاءة الخدمة دون إهمال، وإرضاء المريض الذي اضطرته ظروفه المرضية إلى هذه المستشفيات والمراكز الطبية.
وأخيراً فإن هذا القرارات مؤشر على ولادة مرحلة جديدة من «الوعي» لدى بعض المواطنين والمقيمين، الذين وقعوا ضحايا لتلك الأخطاء الطبية، ولم يصمتوا، بل بحثوا عن حقوقهم وحقوق ذويهم المفقودين من خلال هذه الهيئات الصحية الشرعية، ولم يتركوا الساحة للسيد خطأ!!