منذ عهد الأحاديث غير الصحيحة التي كانت تُنسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومروراً بالتاريخ المزيف الذي كتبه أولئك الذين يريدون أن يتمصلحوا من الكتابة، ووصولاً إلى ما تطرحه اليوم المواقع والمنتديات الإلكترونية من قصص وأقوال وآراء منسوبة لأشخاص لم يرووا هذه القصص ولم يقولوا تلك الأقوال ولم يطرحوا ما تم تداوله بين الناس من آراء، منذ تلك العهود وإلى اليوم، وشريحة من الناس لا همّ لها، إلا تركيب الطواقي على الرؤوس، مهما كلف هذا الأمر من تأثير على الدين أو على الدنيا.
هذه الظاهرة، وبسبب تأصلها الشديد في مجتمعنا، صارت من المسائل العادية جداً. فما أسهل أن ترسل فتوى شرعية لأصدقائك وتقول إنها للشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وهي لا تمت له بصلة. وما أبسط أن تبعث مشورة عشبية لزملائك وتذيلها باسم الدكتور جابر القحطاني، وهو لا يعرف عنها شيئاً. وما أهون أن تنشر مقولة تاريخية من نسيج مخيلتك وتنسبها لنابليون أو حتى لميخائيل غورباتشوف.
المحزن جداً أن يأتي من يؤلف قصيدة على لسان شاعر يحتضر، وهو يعرف أنه يحتضر، وينشرها بين الناس على أساس أنها له. هذا هو أبشع ما يمكن أن نصل له من الاستهتار بمشاعر الناس. والمحزن أكثر أن من يقومون بهذه الأعمال، يتصورون أنهم يفعلون خيراً بالآخرين. والمحزن أكثر وأكثر، أن لا أحد يقوم هؤلاء عند حدودهم.