أملنا أن يكون وزير العمل الجديد عادل فقيه عند مستوى طموحاتنا جميعاً. نعرف أن التحديات التي تكتنف موضوع العمل والعمالة هي في منتهى التعقيد، وحلها يحتاج إلى قرارات حاسمة، وربما مؤلمة على المستوى القريب، لكنها تسعى إلى إنقاذ البلاد، وأهل البلاد على المستوى البعيد، من أهم مشكلة على الإطلاق تواجه المملكة في مسيرتها التنموية وهي البطالة من جهة، ومن جهة أخرى تزايد أرقام العمالة الأجنبية، بل وتفاقم هذه الأرقام في الآونة الأخيرة إلى درجة خطيرة. أعرف أن ليس هناك حلول سحرية لهذه المشكلة، ومن ينتظر من الوزير الجديد حلاً سحرياً ينهي هذه المشكلة المعقدة بقرار يُتخذ اليوم لينهي المشكلة غداً فهو يطلب المستحيل، غير أن بالإمكان محاصرة البطالة، والعمل على تهيئة الظروف لتطويق مسبباتها، وأهمها على الإطلاق (التدريب) للتماهي مع متطلبات سوق العمل. ودون أن نأخذ تدريب السعوديين والسعوديات بجدية فستظل هذه المشكلة تكبر، مخلفة وراءها الفقر والعوز والتفاوت الخطير في مداخيل الأفراد. ولا أدري لماذا لا تهتم وزارة العمل بالتدريب، والعمل على تهيئة كثير من العاطلين والعاطلات عن العمل بما يتواكب مع متطلبات سوق العمل، وسد الفجوة بين مُخرجات التعليم من جهة والاحتياجات الفعلية لسوق العمل من الجهة الأخرى. أعرف أن هناك مبادرات كريمة ومشكورة قام بها بعض التجار (الوطنيين) في مجال تدريب السعوديين والسعوديات، وتهيئتهم لمواكبة متطلبات بعض المهن، غير أن مثل هذه الجهود تظل جهوداً محصورة في نطاق ضيق، ومساهمتها بالتالي في محاصرة البطالة على المستوى الوطني لا تكاد تذكر، وكان من الفروض أن يُستفاد من هذه التجارب على نطاق واسع، ولا يمكن أن يتحقق هذا الهدف إلا أن تتولى وزارة العمل على عاتقها القيام بمثل هذه الجهود، أو على الأقل دعم وتشجيع أصحاب هذه المبادرات، والاستفادة من تجربتهم في العمل على تدريب الفرد ليكون قادراً على تلبية متطلبات سوق العمل.
النقطة الثانية، والخطيرة، والتي يجب أن تحتل من اهتمامات الوزير ما يتناسب مع خطورتها، هي قضية (بيع التأشيرات). فلم يعد سراً أن هناك سوقاً مزدهرة تباع فيها التأشيرات، فما عليك إلا أن تدفع من تحت الطاولة لتحصل على التأشيرة من فوق الطاولة. ولا أدري لماذا تقف الوزارة عاجزة عن كبح جماح هذا الفساد المستشري، وملاحقة هؤلاء اللصوص، والقضاء على هذه التجارة الحرام؟
ولعل ما يثلج الصدر أن الوزير الجديد عادل فقيه كان هو (الأب الروحي) لقرار كسر إقصاء المرأة عن تجارة التجزئة، فهو الذي اتخذ القرار الجريء بتوظيف المرأة في أسواق بنده عندما كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة صافولا كما يقولون. ولأن بطالة المرأة أخطر من بطالة الرجل، كما أن ارتفاع أرقام بطالة المرأة هي السبب الرئيس وراء ارتفاع مستويات البطالة في المملكة إلى معدلات غير مقبولة. فإننا ننتظر من الوزير الجديد أن يعمم تجربة بنده وهايبر بنده لتشغيل السعوديات، لتكون مثالاً يحتذى في كل مدن المملكة، وليس مدينة جدة فقط.
إلى اللقاء.