بقدر (ما أزعجني) الزميل يوسف المحيميد في جريدتنا الغراء هذه، فقد أبهجني الزميل علي العميري في جريدتنا الغراء تلك - أي الوطن - والإزعاج والابتهاج لا علاقة لهما البتة بشخصية الزميلين ولا إبداعهما الكتابي؛ سواء أكان ذلك الإبداع قصصياً أو روائياً بالنسبة للأول، أو صحفياً بالنسبة للآخر؛ فكلاهما (على العين والراس) ولكن مبعث الحالتين هو ما كتباه بالضبط يوم الأحد الفائت كلٌّ في موقعه أو زاويته لا فرق.
فالزميل يوسف يقول في زاويته: (كلما قرأت عن سرقة طفل أو ضياعه في الحرم المكي أشعر بحزن. ولم - يقل - بانزعاج - ثم يستمر -عافاه الله- بالقول، ها هي الطفلة (نمير) ذات الثلاثة عشر ربيعاً وقد جاءت مع أهلها من جازان لأداء العمرة، قد اختفت بعد صلاة الفجر، ثم يضيف الزميل العزيز متسائلاً: ألا يجب أن يزود الحرم بنظام مراقبة عالي المستوى لتدارك مثل هذه الحالة المتكررة دوماً ؟!
بالطبع نحن مع يوسف حقاً في أن تكرار هذه الحالة يثير الحزن والانزعاج، ونحن معه أيضاً في استخدام أرقى وسائل التكنولوجيا لخدمة عباد الله في بيت الله، وإلا ما فائدة هذه الوسائل إن لم تخدم المسلمين في مهوى أفئدة المسلمين؟!
أما الزميل علي العميري، فيقول في الخبر الذي كتبه عن نفس المكان الطاهر - أي - الحرم المكي الشريف والذي هو أي الخبر سبب لي الابتهاج، على عكس خبر زميلنا يوسف، فيقول فيه؛ أي علي العميري: (الأجهزة الأمنية السعودية في العاصمة المقدسة استطاعت بأن تعيد جوال وزير ماليزي نشل منه في الحرم) طبعاً، وقبل التأويلات السلبية لبعض القراء في أن رجال الأمن اجتهدوا لكون صاحب الجوال شخصية معتبرة (!!) فإنني أرجو من هذا البعض أن ينتظر قليلاً تكملة الخبر، تلك والتي تقول: أن شخصية راعي الجوال ليس لها دخل في الأمر إذ كل ما في الأمر أن رجال الأمن عافاهم الله قد ضبطوا عصابة لسرقة الجوالات ومن خلال تصفح الرسائل والأرقام وصلوا إلى رسالة مرسلة إلى ماليزيا فاتصلوا بمستقبل الرسالة وأخبرهم أن الهاتف يعود إلى وزير ماليزي سابق، وأنه يسكن الآن في الفندق (الفلاني) في مكة المكرمة فاتصلوا بالفندق وأعادوا الجوال إلى صاحبه. وهذا كل ما في الأمر أيها التأويليون والمشككون في كل إنجاز سعودي نبيل، والمثبطون لكل جهد وطني جميل.!
أما أنا، فبعد الخبرين المزعج والمبهج معاً واختلاطهما السيكولوجي في نفسي فقد أوصلاني إلى حالة بين الابتهاج والانزعاج تسمى في علم الهذرولوجا (الاصطهاج) الكلي.
لذا، فإنني أضيف تساؤلاً من عندي يقول: إذن مَنْ يطهّر المدينتين المطهرتين من اللصوص والاستغلاليين والمطففين والغشاشين الذين قال رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: إنهم (ليسوا منا)؟ ولكن ،على أية حال، البركة برجال أمننا البواسل (قوَّاهم) الله.