|
«للموت فينا سهام وهي صائبة |
من فاته اليوم سهم لم يفته غدًا |
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها |
إلا التي هي قبل الموت بانيها» |
|
لا أعرف لماذا تأخرت في الكتابة عن غازي القصيبي -رحمه الله- مع إنني أتابع معظم ما ينشر عنه بعد وفاته وتدمع عيناي عندما اقرأ مواقفه الإنسانية، فأكثر ما يحزن الإنسان أن يفقد إنسان له في كل مكان ذكرى عطرة.
|
ربما لم أجد شيئًا أقوله عنه أكثر مما قاله الآخرون كل حسب الزاوية التي يرى فيها غازي ولأن شخصيته استثنائية كانت الزوايا عديدة وكلّها منيرة بضوء شخصية أنارت في حياتها لمن حوّلها دروبًا للعطاء، ربما تأخرت لأني أود أن أكتب عنه مقالاً موضوعيًا لكنني افتقد أدواته فأنا حزينة والحزن عاطفة لا تتفق مع العقل.
|
لكنني قررت أن أتحدث عن المرة الأولى التي اتصل بي فيها الفقيد قبل خمس سنوات، عندما كنت مشروع سيدة أعمال في مركز المرأة السعودية الإعلامي.
|
عندما قال لي الأستاذ هزاع العاصمي: إن الوزير يريد التحدث معي، فرحت ربما لأنني اعتقدت أنني ساستمع إلى الشاعر والأديب وليس الوزير الشاعر الذي قرأت كل دواوينه وحضرت عبر أشرطة الفيديو سابقًا كل أمسياته الشعرية التي أمطرت عشب حياتنا.
|
جاء صوت «غازي» بحنو الأخ الأكبر يهنئني على افتتاح المركز ويوصيني بأن أخفف من كتاباتي الهجومية والتفت إلى عمل وتطوير المركز، وبالرغم من أنني عارضته يومها وقلت له: إني لا أستطيع إلا أن أكتب ما أراه يحتاج إلى الإصلاح بغض النظر عن تأثيره على عملي الخاص إلا أنني بالفعل لم استطع أن أكون سيدة أعمال وكاتبة حرة في ذات الوقت وودعت عالم الأعمال. كان غازي في تلك المكالمة القصيرة الأخ الناضج الذي يرى أهمية أن تؤخذ الأمور بحكمة وكنت يومها أرى الدنيا تؤخذ غلابا. أود في رحيل غازي الإنسان أن اعترف بأن وزارة العمل في ذلك الوقت وعن طريق الدكتور عبد الواحد الحميد نائب وزير العمل الذي أمتنّ كثيرًا لدعمه منحتني فرصة العمل في مشروع يصب في التوعية بعمل المرأة لم يكن لولا أن في الوزارة روح رجال مؤمنين بعمق بدور المرأة ولا يرددون شعارات زائفة، بل يؤسسون لثقافة جديدة تؤمن بأن المجتمع بفئتيه الذكور والإناث يبني حاضره ومستقبله.
|
في قلوبنا مكان دافئ لرجل له من الفضائل والمواقف الإنسانية ما لا نستطيع إزائه إلا أن ندعو له بالرحمة الواسعة في دار البقاء.
|
رحمك الله يا أبا يارا وجعل مثواك جنة النعيم.
|
|