بالنظر إلى حالة (القرف) التي لازمتني على مدى أكثر من شهر ونصف الشهر، وبعد أن طفح الكيل، وتحسباً لمسألة انصراف الرأي الإعلامي الرياضي شبه الكامل في اتجاه واحد، صوب قضية واحدة، وبالتالي فرضية أن يصبح أي تناول لا يسير في ذات الاتجاه غير ذي قيمة.
فقد عقدت العزم على أن أمنح هذه الزاوية المتواضعة إجازة إجبارية لهذا الأسبوع لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.. لولا أن الالتزام المهني والأدبي هما من جعلاني أتراجع عن قراري..
ذلك أنه ومنذ أكثر من شهر ونصف الشهر وأنا أحرص على اقتناء ما يتيسر من صحفنا المحلية اليومية بحكم المهنة طلباً للجديد المفيد بشكل عام، والاطلاع على شؤون وشجون وهموم رياضتنا.. فلا أجد سوى صور (الكابتن محمد نور) تتصدر الصفحات الأولى من الصحف المتخصصة تحديداً، وامتلاء بقية صفحاتها بالحديث عن (نور)؟!!
أهرب إلى قناتنا الرياضية العزيزة بحثاً عن شيء مما افتقدته في الصحافة المقروءة من خلال برامجها اليومية.. فأجدها أكثر انغماساً في (اللت والعجن) حول قضية العصر (نور)..؟!!
الممل في الموضوع إلى درجة القرف.. هو أن ما يكتب ويقال بالأمس، يعاد قوله وترديده وكتابته اليوم، وما يقال نهاراً يعاد قوله وتدويره ليلاً، وما تجود به قريحة هذا المنظر، يتناوله ويكرره المنظر المقابل، وما يدلقه ذات المنظر يعيد دلقه، إن لم يكن بعد دقائق، فبعد ساعات، وهكذا(؟!!).
بمعنى أنه لا جديد، فالكلام هو نفس الكلام، والأسطوانة هي الأسطوانة.. دون أي اعتبار للكثير من الجوانب الأخرى الجديرة بأن تؤخذ في الحسبان.
أهم تلك الجوانب التي ربما لم تفطن لها (القناة) تحديداً في مسألة فرض مثل هذه القضايا على المشاهدين على مدار الساعة، وعلى هذه الشاكلة، هو عدم مراعاة أن المشاهدين ليسوا جميعهم من مجشعي اللاعب، ولأن مشجعي فريقه، وبالتالي فإن لهم من الحقوق ما يجب مراعاته.
باختصار شديد: إن من الظلم إرغام الجماهير على متابعة التجاذبات حول أمور لا تعنيها ولا تخصها مثل مسلسل (نور) على حساب وقتها وحقها في الإلمام بما يعنيها من أمور الأندية التي تنتمي لها.
طيب، وبعدين؟!
الإبداع حق مشاع وبالتالي فهو من الأمور التي لا وطن لها.. هذه حقيقة لا جدال حولها.
غير أن اللافت للانتباه هو أن هذا الحق أضحى مؤخراً يخضع في كثير من الأحيان لسطوة استحواذ ومحسوبية ونفوذ بعض الجهات والأطراف التي تتدخل بقوة في توجيهه إلى اتجاهات مثيرة للريبة.
مثلاً:
في مسألة جائزة الراحل زاهد قدسي (رحمه الله) للتعليق الرياضي في نسختها الأخيرة.
إذ يبدو (والله أعلم) أن أمور وشروط التصنيف قد خضعت لشيء من التأثير الذي فرض الاتجاه النهائي للجائزة، مع كامل الاحترام والتقدير للفائز الأول.
هذا التأثير الذي أفضى إلى بروز جملة من الاستفهامات حول الأول والثاني في الترتيب النهائي، وما هي الآليات والحيثيات التي تم التصنيف بمقتضاها.. خصوصاً إذا وضعنا في حسباننا قائمة طويلة من الفوارق التي لا تحتاج إلى فتوى حول أفضلية الثاني وبالتالي أحقيته في الظفر بالجائزة (دون الانتقاص من نجومية الفائز المتوج).
لهذا أعتقد أن السبب يعود إلى مسألتين:
- الأولى: حجم العلاقات الشخصية.
- الثانية: نوعية الوسيلة الإعلامية التي ينتمي لها كل معلق، ومدى ما تحظى به من قبول لدى الجهات والأطراف المؤثرة.
ولعل فيما كشفه أحد أقطاب البرنامج (المنبوذ) مؤخراً مما يجري في دهاليزه من أمور.. ما يجيب عن الكثير من الاستفهامات حول الجائزة وغيرها من الأشياء التي ربما لا يعلمها البعض.. رغم أنها مكشوفة ومعلومة لدى السواد الأعظم من المتابعين الذين من الصعب أن تنطلي عليهم ادعاءات مسيري ذلك البرنامج(؟!!).
الأقلام النصراوية في حيص بيص؟!
المتابع للصحافة الرياضية هذه الأيام سيلاحظ بجلاء بأن جل الأقلام النصراوية تعيش في دوامة شديدة يمكن وصفها ب(حيص بيص).
بين الالتزام بأولويتها الأزلية المتمثلة في الانشغال بالشؤون الهلالية، وتفضيل هذه الأولوية على ما عداها من اهتمامات(!!).
وبين التعامل مع الانقسامات النصراوية المتزايدة والمتصاعدة، وإلا فإنها موجودة ومتوازنة على مدى أجيال وعقود من الزمن (؟!!).
هذا عدا الحرص اللا متناهي على ملاحقة كل ما يتم طرحه وتناوله من قبل الأقلام المحايدة من رؤى يكون للنصر فيها شيء من الذكر.
إما بتكذيبها لمجرد التكذيب، أو بتسفيهها، أو قذفها بتهمة البحث عن الشهرة حتى وإن كانت تلك الأقلام من الرواد، وحققت من الشهرة والاشتهار ما الله به عليم.. كالأستاذ (عادل عصام الدين) صاحب اليد الطولى، والفضل المشهود في صناعة وإبراز العديد من الأقلام النصراوية وغير النصراوية التي تخرجت من مدرسته.. ثم يأتي من (النكرات) من يتهمه بالبحث عن الشهرة لمجرد أنه عبر عن رأيه انطلاقاً من خبراته الطويلة بعيداً عن المحسوبيات والمجاملات التي ظلت تضرب أطنابها في الكثير من أمورنا الرياضية عموماً، والإعلامية خصوصاً.