التأمين.. مسلك حضاري وخطوة متقدمة وضرورية أيضاً.. حلَّت الكثير من المشاكل السابقة.. وأنهت الكثير من الأزمات.. حيث كان أكثر السائقين.. وبالذات الأجانب من فئة (العمالة) يجدون أنفسهم غير قادرين على الوفاء بالالتزامات المالية المترتبة عليهم من جراء حادث مروري.. فيتعرضون للإيقاف لفترة.. ثم يتضح أنهم غير قادرين أساساً على السداد.. بل إن ذلك يدخل في حيز المستحيل.. فتضيع الحقوق ويوقف الكثير ممن يتعرضون لحوادث مرورية.. وهذا.. فيه إرباك لكل الجهات المسؤولة..
** وبدون شك.. فإن التأمين حلَّ كل هذه المشاكل.. وأراح كل سائق قبل أن يريح المسؤول.
** لكن مشاكل التأمين.. أو المشاكل مع التأمين.. جاءت عبر أكثر من زاوية..
** الأولى.. أن هناك سائقين أو على الأصح.. مالكي مركبات ما زالوا غير معترفين بالتأمين ولم يؤمّنوا بعد.. وهؤلاء.. ما زالوا عرضة للمشاكل.. وما زالوا أيضاً يسببون مشاكل وزحاماً وفوضى لدى الجهات المسؤولة.. وما زالوا عرضة للتوقيف.. فالوعي التأميني ما زال دون المستوى المطلوب.. والناس لم تدرك بعد.. أهمية التأمين.. لأنها أخذته من زاوية.. أنه دفع (رسوم) فقط.. وهو ليس كذلك.. هو مبلغ بسيط تدفعه كل سنة.. يحل الكثير من مشاكلك.. ويختصر عليك قضايا كثيرة.. ولكن.. هل كل الناس يؤمنون بذلك ويدركونه جيداً؟
** لن يدرك ذلك.. إلا من تعرض لحادث مروري.. وتعرض للإيقاف الطويل وعجز عن السداد.. ودخل في مشاكل وأزعج الجهات المسؤولة.. وضاع الكثير من وقته.. وتعرض لعقوبات كان بإمكانه تحاشيها بثلاثمائة ريال فقط لا غير.. وعندها.. تمنى لو أنه دفع الآلاف من الريالات وليس ثلاثمائة ريال.
** النقطة الثانية.. هو أنه لا يوجد آلية لتجديد رسوم التأمين.. إذ يمكن أن ينتهي التأمين على مركبتك وأنت لا تدري.. فلا شركات التأمين تتصل بك وتشعرك بقرب انتهاء تأمين مركبتك.. ولا المرور يقوم بهذا الدور.. وبالتالي.. تجد نفسك بلا تأمين.. وأنت لا تدري.. وخصوصاً.. أن الأيام والشهور تمر بسرعة ولا تشعر بها.. فليت شركات التأمين تضع آلية لإشعار المشترك بقرب انتهاء تأمينه أو تضع له حساباً.. حتى يمكنه السداد بطريقة آلية.. ليجد نفسه وقد تم السداد بطريقة سلسلة.. دون أن يقع في فخ أو.. ورطة عدم وجود تأمين..
** وهذه النقطة.. هي مسؤولية الشركات نفسها..
** النقطة الثالثة.. أن بعض أو أكثر المؤمّنين أو المستفيدين من التأمين يتعرضون لمشاكل وأخطاء وصعوبات.. فيجد نفسه وهو (مؤمّن) أنه خارج التأمين..
** بعضهم يدفع مبالغ للتأمين على سيارته.. فقد يدفع تأميناً شاملاً بمبلغ يصل إلى عشرين ألف ريال سنوياً.. ثم تقول له الشركة.. أنت لا تستفيد من التأمين..
** كيف؟ ولماذا؟!
قد يُقال له.. إن السائق الذي يقود المركبة.. لا يحمل تفويضاً من المالك.. ومعنى هذا.. أنه يلزمك أن تمنح تفويضاً لكل من يقود سيارتك.. إذ يلزمك أن تملك خمسين خطاب تفويض موقّعة منك.. وتعطي كل من أراد قيادة سيارتك خطاب تفويض بالقيادة.. فلو أن زميلك استلف سيارتك لمشوار قريب.. وحصل له حادث.. فلن تستفيد من التأمين.. رغم أنه يحمل رخصة قيادة سارية المفعول.. ذلك أنه غير مخول.. وغير مفوض بقيادتك سيارتك.. ومن هنا.. يتضح أن شركات التأمين.. تصنع الحجج الواهية للإفلات من التزاماتها المالية.. وتوريط خلق الله لأتفه الأسباب.. وهذا.. مسؤولية الجهات المعنية لإرغامها على الالتزام بما تعاقدت عليه.. كما يلزم مراجعة شروطها التعاقدية وجعلها أكثر قرباً من الواقع وحذف الشروط التعسفية.. التي تهدف إلى التهرب من الالتزامات المالية.
** وهذه نقطة مهمة.. فهناك الكثير من مالكي المركبات يشتكون من (تملّص) شركات التأمين وتهربهم من التزاماتهم التعاقدية أو مماطلتهم في الدفع.. وهذا لا يشجع الناس على الاتجاه لهذا المسلك الحضاري الضروري.. بل يُنفِّر الناس من التأمين.
** النقطة الأخيرة.. أنه يجب إجراء غربلة لشركات التأمين.. ليتم استبعاد الشركات (المتلاعبة) أو المقصِّرة.. أو التي لها مشاكل كثيرة مع الناس أو المتهربة من السداد.. وحصر (الوجود) للشركات المحترمة الملتزمة.. التي تدرك أهمية وقيمة التعاقد وحقوق الآخرين.. وتعرف ما لها وما عليها.
** هذه انطباعات سريعة حول التأمين على المركبات.. وإن كنت أحتاج أيضاً.. إلى إيضاح من شركات التأمين نفسها.