من الملاحظ في هذه الأيام انتشار الدعوة إلى التسامح والحوار مع الآخر وخاصة الغرب والكتابات كثيرة إضافة إلى المؤتمرات التي تنطلق منها هذه الدعوات وهي في مجملها من العرب والمسلمين، ودون شك فإن هذا الأمر مطلوب والإسلام نفسه دين متسامح مع الآخر وهذه المسألة مترسخة منذ القدم حتى في فترات الفتوحات الإسلامية كان الأمر لقادة الجيوش الإسلامية بعدم التعرض لغير المقاتلين وكذلك عدم إكراههم على اعتناق الإسلام وتركهم على دينهم بشرط إعلان الولاء للدولة الإسلامية وهو ما حصل واقعياً حيث نجد الكنائس القديمة ظلت قائمة في كافة أرجاء العالم الإسلامي الذي كانت توجد فيه المسيحية إضافة إلى بقاء مسيحيين من تلك العهود إلى اليوم وبقاء أقليات غير عربية تتحدث بلغاتها وتتخاطب بها.
ولكن ماذا عن الطرف الآخر الذي نركز في التسامح معه من خلال التجربة والمشاهدة الواقعية نجد أنماطاً من التعالي والعنصرية ضد أبناء المسلمين والعرب خاصة.
وكل ذلك من منطلق الانتماء إلى الدين الإسلامي والحوادث كثيرة لعل من أبرزها الحملات التي تشن على الإسلام والتي تخرق فيها قواعد الديمقراطية مثل الحرب على الحجاب في فرنسا، وظهور هذه البادرة في دول أخرى مثل إيطاليا، وما حدث في فرنسا من حملة على المآذن وهو جزء من بيوت العبادة للمسلمين.
أما التعامل الشخصي فإن المرء يشعر في كل منطقة يصل إليها من بلدان العالم الغربي بروح غير متسامحة تسيطر عليها نزعات الكراهية والامتعاض من وجود العرب والمسلمين وهنا نجد تضاداً بين ما ندعو إليه وبين استمرار الغرب حكومات وشعوبا في خرق دعوات التسامح بما يتطلب أن تعالج الجمعيات والمؤسسات الغربية التي تنادي بقضايا حقوق الإنسان والتي تتشدق بالتسامح بأن تعيد النظر في مواقفها وأن تعمل على إشاعة التسامح والاعتراف بالآخر وهو العربي والمسلم والعمل على تقبله دون تحيز ودون استعلاء ينطلق من روح التفوق الغربي والنظر إلى غيرهم بدونية واضحة.
إن المطلوب أن نركز على هذا الآخر في تعاملنا مع الغربيين كي يسيروا هم أولاً في ركاب المبادئ الإنسانية التي يتحدثون عنها ويقدمون ما يثبت أن دعوات التسامح التي يتحدثون عنها مطبقة بينهم فيحترمون الأمم والشعوب الأخرى كما يرغبون في أن تحترمهم هذه الشعوب وأن تتسامح وتتحاور معهم على نحو يؤدي إلى مجمل المبادئ التي يفترض أن تقوم عليها العلاقات بين الشعوب.