بداية نهنئكم بحلول الشهر الفضيل، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، أعاده الله علينا وعليكم وعلى وطننا الحبيب والأمة الإسلامية جمعاء بالخير واليمن والبركات.. تعمدت البدء بالتهنئة حتى لا أنساها في خضم هذا

التزاحم الهائل الذي يتزامن مع بشائر قدوم شهر رمضان المبارك، فما أن تقترب أيامه المضيئة ولياليه الزكية حتى تتلبس المجتمع حالة من السلوكيات السلبية والمكررة في كل عام، فالكل يتسابق إلى عرض وتقديم وإشباع ما يعتمل في ذهنه وتتوق إليه نفسه، من مغريات وملذات الحياة الاستهلاكية التي رُبطت بشهر رمضان، كما لو كان هذا الشهر قد فرض من أجلها، ابتداء بالفضائيات التي تطلق إعلاناتها وتحشد أكبر ما تستطيع من الإنتاج الدرامي والكوميدي من المسلسلات الحصرية وبرامج المسابقات المتعددة، في سباق مارثوني محموم لا يدركه المتابع ولا يغطيه الوقت الذي يقضي قبل أن تنتهي العروض التي تزخر بها الشاشات الفضية، هذا في مجال الإنتاج، أما في المجال الدعائي للسلع الرمضانية فحدث ولا حرج، حيث تكتظ القنوات بعرض أنواع السلع المراد تصريفها وخصوصاً المأكولات والمشروبات التي تحث المشاهد الصائم على سرعة اقتناص ما لذ وطاب من تلك التموينات الرمضانية ليزين بها سفرة الإفطار ومأدبة السحور، قبل أن تنفد من الأسواق!! وتكفي هذه الرسائل الدعائية إلى تحفيز المستهلك على ممارسة الإقبال العشوائي والشره لارتياد الأسواق وشراء الكثير من المتطلبات التي تزيد كثيراً عن حاجة الأسرة، ناهيك عن التدافع البشري على سوقي الخضار والأغنام في ليلة دخول الشهر الكريم، ليبدو للرائي بأن المجتمع قادم على موسم مجاعة وليس على شهر صيام وعبادة، إن تلك المظاهر الشرائية المبالغ فيها والمرتبطة بشهر رمضان تخرج هذا الشهر الفضيل عن مقاصده وأهدافه النبيلة، فشهر رمضان المبارك لم يفرض من أجل أن نميزه بمظاهر التبذير وكثرة المأكولات، وإنما فرض من أجل الإحساس ببؤس الفقر وعوز الفقراء الذين لا يجدون لقمة العيش إلا بالقدر اليسير لاستمرار الحياة، فكانت حكمة فرض هذا الشهر الفضيل من أجل الشعور بمشاعر الفقراء والإحساس بجوعهم، لتحفيز المسلمين على البذل والعطاء والتضامن حتى تسود المحبة والتراحم بين أفراد المجتمع الإسلامي، دعونا نغير من تلك السلوكيات السلبية ونعتبر رمضان شهراً عادياً مثل غيره من بقية شهور العام فيما يتعلق بشراء المواد الغذائية، دعونا نستقبل هذا الشهر الفضيل بالصيام والقيام والذكر والدعاء وقراءة القرآن والصدقة، وهذه هي الفضائل الإسلامية والمظاهر الإيجابية التي يجب أن يتحلى بها شهر رمضان المبارك، أدام الله علينا جميعا نعمة الإسلام وأسبغ على بلادنا نعمة الأمن والأمان، وكل عام وأنتم بخير وشهركم مبارك.