أبحرتُ فيك لأنّك البَحْرُ |
ونَهِلْتُ منك لأنّك النَّهْرُ |
أرسلتُ طرفي في دُجَى ألمي |
فَرَنا إليكَ لأنّك البَدْرُ |
أسقيتُ منك زُهور ذاكرتي |
فتألَّقَتْ، وتألَّق الزَّهْرُ |
وسألتُ عن فجري فبادَرَني |
منكَ الضياءُ، لأنّك الفَجْرُ |
وسألتُ عنك السُّحبَ فابتَسَمَتْ |
بَرْقاً، وقالتْ: إنّك القَطْرُ |
لمَّا جرى بكَ في يدي قلمي |
شَدَتِ الحروفُ، وغرَّدَ الحِبْرُ |
يا ضَيْفَ كلِّ المسلمينَ إذا |
ما جِئْتَ جاءَ الأنسُ والبِشْرُ |
بك ترتقي النفس التي شَرُفَتْ |
بالصوم فيك، ويُشْرَحُ الصَّدرُ |
يا ضيفَ كلِّ المسلمين، له |
في كلِّ قلبٍ مؤمنٍ، قَدْرُ |
يقْوى الضعيفُ بما يشاهده |
من صائميكَ، فيُسْعِفُ الصَّبْرُ |
ويحسُّ فيك الأغنياءُ بما |
يشكو الجياعُ، ويصنع الفَقْرُ |
فتكونَ أنتَ، دليلَ غافِلِهم |
نَحْوَ العطاءِ، فماله عُذْرُ |
يتواضع المتجبِّرونَ، إذا |
صاموك حقّاً، يَذْهبُ الكِبْرُ |
يا ضيفَ أفئدةٍ بك ابتهجَتْ |
فتألَّق الإحساسُ والفِكْرُ |
يا ضيفَ قلبي، أنتَ في لغتي |
سِرُّ البيانِ، وفي فمي ذِكرُ |
تمتدُّ في قلبي وأوردتي |
لمّا تجيء، غُصونُكَ الخُضْرُ |
ضيفٌ جميل الوجهِ طَلْعَتُه |
بدْرٌ يُضيء، وأنْجُمٌ زُهْرُ |
«رمضانُ» أحْرُفُه محبّبَةٌ |
يهفو إليها النَّثْرُ، والشِّعْرُ |
لمَّا أُسِطّرها على ورقي |
تَزْهُو اليراعةُ، يُورق السَّطْرُ |
شهرٌ إذا ما جاءَ رافقَه |
أمنُ القلوب، وغادَرَ الذُّعْرُ |
في صَوْمِهِ، وقيامه تَعَبٌ |
حُلْوٌ، به يتعاظم الأجْرُ |
وخَلُوفُ أفواهِ العِبادِ إذا |
عَقَدوا الصِّيامَ، كأنه العِطْرُ |
بالفرحتين يفوز صائمُه |
وهما «لقاءُ اللهِ» و»الفِطْرُ» |
الله متخصٌّ بمنحته |
للصائمين، وعنده الذُّخْرُ |
«رمضانُ» اسمٌ باذخٌ شرفاً |
بجلاله يتحدَّثُ الدَّهْرُ |
تكفيه ليلتُه التي شَرُفَتْ |
قَدْراً، تتيه بفضله العَشْرُ |
يعلو مقامُ الصائمينَ، إذا |
نُشِبَ الصِّراطُ، وأقبل الحَشْرُ |
بوَّابةُ «الريَّانِ» تَرْقُبُهم |
لله هذا العزُّ والفَخْرُ |
يا ضيفَ أفئدةٍ معلَّقةٍ |
بالله، يُجْبَرُ عندها الكَسْرُ |
يا ضيفَ وجداني ومُؤْنِسَهُ |
يا مَنْ بسِرّكَ يَحْسُنُ الجَهْرُ |
تبقى الشهورُ على تألُّقِها |
تمضي، وأنتَ السَّيِّدُ الشَّهْرُ |
|