إليك يا خادم الحرمين الشريفين يا ملك الإنسانية ويا ملك المسؤولية والحكمة نبعث أسمى آيات الشكر والعرفان فقد أثلجت صدورنا وهدأت نفوسنا في مشكلة من مشاكل الأمة والمجتمع.
ونظرت إليها بحكمة بالغة وبصيرة متأنية, وإذا بتوجيهك لسماحة المفتي في شأن الفتوى يسطع بالنور والحق والخير والصلاح والمنفعة للدين والوطن.
إن ظاهرة العبث بالفتوى والتطاول على العلم والقول على الله بغير علم ودخول المتعالمين والجهلة والمتشددين وغيرهم ممن ليس له دراية وحكمة تسبب في اختلاف الأمة وإسقاط العلماء ومكانتهم وأهان الفتوى وعظمتها, وأثمرت شوكا وغصصاً في نفوس الأمة والذي جعل هذا البيان المبارك والتوجيه الحكيم يقع في نفوس العلماء والعقلاء وأهل الصلاح ومحبي الوطن وراغبي الاجتماع موقعاً عالياً وكبيراً, فرفعوا أكفهم إلى الله جل وعلا سائلين لك التوفيق والسداد.
وعند التأمل في هذا البيان الكريم الحكيم نجد اهتمام خادم الحرمين الشريفين بالعلم والعلماء وليس بغريب عليه - حفظه الله - إيماناً بأهمية مكانتهم ونفعهم للأمة, ثم ما يلحق من الضرر عند إضعاف مكانتهم أو التقليل من شأنهم وأقوالهم وفتاواهم, وقد لمس المجتمع في الآونة الأخيرة العبث العارم في ممارسة الفتاوى ونشرها وتعامل وسائل الإعلام معها, حتى ظهرت فتاوى القتل والتخريب أو فتاوى تحليل المحرمات وشواذ الآراء وبرزت لنا في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وعلى شبكات الإنترنت فتاوى مضللة ومتشددة ومفرطة ومضيعة, واختلط الحابل بالنابل وأصبح بعض الناس لا يبالون بأقوال أهل العلم وأحكام الشرع وتطاول الصغير والجاهل والعامي على مكانة العلم.
وبيان خادم الحرمين الشريفين هو رسالة توجيهية من أب نصوح حكيم لكل العلماء وطلبة العلم ومنسوبيه باحترام العلم والخوف من الله في تضييع الناس وفتنتهم, فكان لزاما عليهم جميعا الاستجابة لهذا التوجيه الملكي طاعة لولي الأمر واستجابة لمصلحة الأمة وتقديرا للمسؤولية وإحساسا بالخطر والفساد, فنرجو من أهل العلم جميعا أن يضعوا أيديهم في يد خادم الحرمين الشريفين وألا ينشق منهم أحد وأن يتعاونوا مع سماحة مفتي المملكة وهيئة كبار العلماء والراسخين في العلم, من أجل تحقيق الخير والنفع للدين والوطن. وسيتضح لنا وبجلاء مدى طاعتهم لولاة أمرنا وحرصهم على اجتماع الأمة وحبهم للمصلحة العامة وتقديرهم لكبار أهل العلم.
وأجد من المناسب أن يعلم الناس اليوم من هم أهل العلم والفتوى فليس إمام الجامع ولو أمه طول عمره مفتياً وليس الداعية والواعظ مفتياً وليس من أطلق لحيته وأعفاها مفتياً.. الفتوى لأهل العلم فقط ولا يجوز بأي حال من الأحوال التجني على ذلك أو استغلال أي مكانة أو منصب أو مظهر للقول على الله بغير علم, ثم هناك من أوكله ولي الأمر بذلك فكفاك عنه فلماذا تقحم نفسك فيما لا يخصك؟!
والدين والوطن لهما مكانتهما العالية ولا نرضى أن تمس بأي سوء أو عبث أو فوضى فأجد هذا النص من البيان (وكل من يتجاوز هذا الترتيب فسيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع, كائنا من كان, فمصلحة الدين والوطن فوق كل اعتبار) وقد جرت الأمة والوطن من جراء فتاوى التفجير والإرهاب (مثلا) الويلات والنكبات والقتل والتخريب والانحراف والخسائر الاقتصادية وغيرها, مما يؤكد أهمية المحاسبة والجزاء والعقاب لمن لم يستجب لما فيه مصلحة الدين والوطن.
أخيراً: أكرر شكري لخادم الحرمين الشريفين - وفقه الله - على هذا البيان الحكيم المسؤول وأدعو أهل العلم إلى المبادرة لتوجيهات البيان, ونحن في انتظار سماحة مفتي المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وجميع العلماء في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء - جزاهم الله خيرا ونفع بهم وبارك فيهم - في تنفيذ هذه التوجيهات السامية المباركة, سائلاً المولى أن يحفظ ولاة أمرنا وعلمائنا ومجتمعنا من كل سوء ومكروه وفتنة.
وأسأل الله أن يوفق الجميع لخدمة وطنه وولاة أمره والله يرعاكم.
إمام وخطيب جامع والدة الأمير عبدالعزيز بن فهد بحي الفلاح