(حياة في الإدارة) كتاب لست أنسى وقائع قراءتي الأولى لصفحاته كما يشترك معي في هذا الكثير.. قصة الإنسان الذي أخلص للوطن فأحبه الوطن.. وتحت دجى الليل أضاء الحب تلك المدائن والقرى ولملم الجراحات وخفف الآلام..
|
غزا ظلمة الليل بأعمدة الكهرباء، وهاجس المرض بمراكز الاستشفاء، وساحة الأدب بالوقوف على موارد المتنبي..
|
|
بين رواياته وقصائده وفكره وإدارته ارتحل الكثير بحثا عن فك شفرة هذا الرجل.. فكيف لنا أن نجد بين صرامة قراراته قلب الإنسان الشاعر، وفي سطور قصائده الحانية شموخ الرجل الصارم؟
|
|
لست أنسى تلك الليلة حين كان أنيسي في سفري الطويل الممل المليء بالظلمة وأنا أصغي لحديثه الشائق بلسانه الفصيح وصوته الرخيم يمخر عباب (الأثير) بقصائده وفكره، وأنا أمخر وعثاء السفر بلا وعي في حضرة شعر لا ينسى ولا يتناسى المتنبي..
|
في أخير قصائده استجمع القلب بقايا قوة يخبر الأرض من على شاطئ (حديقة الغروب) أن الأكتاف أنهكها الحمل وأن الأقدام ناءت بالمسير ومن على قارب الرحيل أنشد للأرض نشيده الأخير:
|
ويابلادا نذرتُ العمر زهرتًه |
لعزها دمتِ إني حان إبحاري |
تركت بين رمال البيد أغنيتي |
وعند شاطئك المسحور أسماري |
إن ساءلوك فقولي لم أبع قلمي |
ولم أدنس بسوق الزيف أفكاري |
وإن مضيتُ فقولي لم يكن بطلا |
وكان طفلي ومحبوبي وقيثاري |
|
رحل (غازي) وحين تشدنا سطوره ومآثره..
|
(فجأة نذرف دمعتين.. لأننا ندفن من نحب مرتين..)
|
رحل كما يرحل كل شيء لكنه أبقى مالا يستطيع إبقاءه أي شيء...
|
|