من في مثل قدره.. واقتداره.. وقدره لا يقال عنه أنه مات.. وإنما ودع بعد أن أودع حياته وحياتنا ذخيرة حية لا يحجبها غياب. ولا تقوى على طيها ذاكرة..
كان (الوزير) كان السفير.. وكان (الشاعر) و(الروائي) الكبير.
أودعنا كوزير خبرة إدارية وتجربة واعية حاول بها أن يخترق حائط الروتين والرتابة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.. أعطاها لنا في مؤلفه (حياة في الإدارة سيرة عملية) وفي كتابه التنمية الأسئلة الكبرى مواضيع التنمية السعودية.
أودعنا كسفير خبرة الدبلوماسية في صراعها بين الواقع والمأمول في مؤلفه (أمريكا والسعودية حملة إعلامية أم مواجهة سياسية) وأزمة الخليج محاولة للفهم تحليل شامل للأزمة.
أودعنا كشاعر رومانسي واقعي إيقاعاً شعرياً يلامس النفس. ويصارع الحس.. هذا ما نقرؤه في دواوينه (الحمى) و(معركة بلا راية) و(أشعار من جزائر اللؤلؤ) و(اللون عن الأوراد) و(أنت الرياض) و(يا فدى ناظريك) و(ورود على ضفائر سناء).
أودعنا كروائي بارع (أبو شلاح البرمائي) و(العصفورية) و(سعادة السفير) و(الجنية) و(دينسكو) و(شقة الحرية) كان البطل في بعضها من خلال رؤية واقعية معاشة وكان الراوي في بعضها من خلال إحساس برؤية عن بعد.. أمكن له صياغتها عن قرب.. هكذا أودعنا راحلنا الكبير غازي القصيبي..
وهكذا ودعنا بحياة حافلة بالحركة، مليئة بالنشاط كان فيها (الظاهرة) و(الاستثناء.. فهل بعد هذا الابداع.. وهذا التوديع نبكي على رحيله)؟!
أبداً.. الذين يبكي على رحيلهم هم أولئك الذين لا نحس بفقدهم لأنهم مجرد أصفار على الشمال لا يضيفون ولا يستضيفون.. لا شيء في سيرتهم ومسيرتهم يذكر ليذكرون.. رحم الله غازي رحمة واسعة والعزاء لأسرته ولمحبيه وهم كثر.