عندما فوَّضت لجنة المتابعة العربية الرئيس الفلسطيني محمود عباس باتخاذ قرار العودة إلى المفاوضات المباشرة مع الطرف الإسرائيلي أوضحت أن المفاوضات المباشرة يجب أن ترتكز على مرجعية سلام تتضمن أسس ما يتم الاتفاق عليه ومرتكزاته، ومن أهمها الالتزام بحدود 4 حزيران عام 1967م ووقف الاستيطان.
أُطر المفاوضات المباشرة، التي تشكّل مرجعية السلام الذي يفترض أن تفضي إليه المفاوضات المباشرة، ليست مشروطة مسبقاً كما يوحي بنيامين نتنياهو، بل هي ما يجب أن يتم توضيحه قبل التوجُّه إليه، وهي مثل أي عمل لا يمكن أن تقدم عليه إلا بعدما تعرف ما أنت متوجِّه إليه، وما أنت تريد تحقيقه، وكأي عمل لا بد أن تكون هناك مرجعية أو هدف لما أنت مقدم عليه وتريد أن تفعله.
ولهذا جاء طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس والفلسطينيين جميعاً ومعهم العرب بالحصول على رسالة من اللجنة الرباعية التي ترتكز عليها المفاوضات المباشرة.
هذا الطلب الشرعي يريد الرئيس الفلسطيني أن يحصن موقف بلاده من خلاله، بل ويحصن المفاوضات المباشرة من عبث وعدم مبالاة الإسرائيليين وبالذات نتنياهو الذي يزعم أن تحديد مرجعية للمفاوضات يعني وضع شروط مسبقة، وهذا القول يعلم كل من درس العلوم والسياسة وكل من اشتغل بالسياسة أنه هراء؛ لأن هناك فرقاً بين الشرط المسبق وتوضيح المسار الذي ستوصلك إليه المفاوضات.
ومع هذا فإن اللجنة الرباعية ترددت كثيراً في إصدار بيان تحديد مرجعية المفاوضات، كما أن الوسيط الأمريكي يحاول أن يتجاهل هذا «التحصين الشرعي» للمفاوضات، ويُظهر ميلاً لتأييد موقف نتنياهو رغم أن الأمريكيين يعلمون قبل غيرهم أن نتنياهو والإسرائيليين بدون توضيح مرجعية للمفاوضات سيتلاعبون بهم وبالفلسطينيين وباللجنة الرباعية، ويواصلون قتل الوقت لفرض واقع احتلالهم المرفوض، بزيادة بناء المستوطنات وهدم منازل الفلسطينيين وضم أراضيهم التي لم تنجُ منها حتى المقابر، فالفلسطينيون في ظل الاحتلال الإسرائيلي أصبحوا مطاردين فوق الأرض وتحت الأرض بعد أن طالت جرافات الإسرائيليين مقابرهم!
****