Al Jazirah NewsPaper Monday  16/08/2010 G Issue 13836
الأثنين 06 رمضان 1431   العدد  13836
 

د. الطاير : القصيبي تحرر من عبودية الكرسي فعاش حاكماً للمنصب لا محكوماً به

 

الجزيرة - ناصر السهلي:

عبر الملحق الثقافي السعودي في الإمارات العربية المتحدة د. عبدالله موسى الطاير عن بالغ حزنه على فقيد الوطن والشعر والوزارة غازي عبدالرحمن القصيبي الذي انتقل إلى جوار ربه صباح أمس وقال: إن الكلمات لا يمكن أن تعبر عن الحزن ويصف الطاير أول لقاءاته بالفقيد عندما كان وزيراً للصحة حيث يقول كانت الرهبة تقضم مفاصلي وأنا أدلف إلى وزارة الصحة لمقابلة وزير، وأنا الذي يوصد مدير مكتب بالمرتبة السابعة بابه في وجهي ويضع عليه حارسا عسكريا يمنع دخول المراجعين فهل سألتقي وزيرا حقا وبهذه البساطة؟ كانت تفصل بيني وبين ذلك اللقاء صلاة الظهر، والكل منا ينتظر وصول الوزير إلى الصف الأول، فإذا بالإمام يقيم الصلاة لألتفت خلفي فإذا بالوزير غازي القصيبي يقف حيث انتهى به الصف.

ويتابع أخذت مكاني في الدور ضمن صفوف المنتظرين لمقابلة الوزير، وعندما وصلت إليه استقبلني واقفا باشا ومصافحا بحرارة وكأنه يعرفني من قبل، جلست على مقعد مقابل واستمع لي بإنصات وشجعني بكلمات لا أنساها، ثم خرجت من عنده وفي ذهني ذلك اللقاء على الرغم أن ما تقدمت من أجله لم يتحقق، ولكن لقاء الرجل ترك في ذهني ذكرى جميلة لن أنساها ماحييت.

وعلى بعد مئات الأميال من مكان اللقاء، وبعد نحو ثلاثة عقود من الزمان أقرأ في صحيفة البيان قصديته المعنونة بالحمى:

أحس بالرعشة تعتريني

والموت يسترسل في وتيني

وموجة الإغماء تحتويني

فقربي مني ولا مسيني

مري بكفيك على جبيني

وقبل أن أرقد حدثيني

فإذا أحدهم يحمل لي خبر رحيله عن دارنا. فلا أقول يا أبا سهيل سوى ما قاله رسولنا صلى الله عليه وسلم، والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك لمحزونون.

وأكد الطاير أن الفقيد عاش حاكما للمنصب لا محكوما به فأبدع في أداء المهام التي أوكلت إليه لأنه تحرر من عبودية الكرسي، وعف نفسه عن خمرة الجاه والسلطة فخاض معاركه الإدارية التنموية برأي مستقل يقدم المصلحة العامة على المصالح الشخصية. وكان يجمع في شخصه بين الإداري والسياسي والأديب والشاعر والمفكر وهي لا تجتمع إلا في حكيم له قدرات خاصة.

فرض حبه في قلوب المعجبين به، وفرض احترامه على المخالفين له، عفيف في لسانه عندما يحاور، كبير عندما يمتدح، مواطن بسيط ومسؤول كبير، شاعر مبدع ووزير مفكر. رحمه الله رحمة واسعة. وأحسن الله عزاءنا فيه، فهو فقيد الوطن والفكر والأدب والسياسة. وأسأل الله أن يهب أهله وذويه الصبر والسلوان وأن ينعم عليهم بعظيم الأجر.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد