النظام التقاعدي من مهامه القيام بتزويد المواطن بالدخل المعقول في حالة العجز أو المرض أو البطالة أو التقاعد، بحيث يمكنه من معيشة عفيفة لائقة من سكن وملبس وغيرها من متطلبات وضروريات الحياة اليومية كالصحة
والغذاء، مقابل استقطاع شهري من دخله أثناء فترة عمله كقاعدة عامة، إن الراتب الحالي المعطى للشريحة الكبرى لبعض المتقاعدين في مجمله العام لا يرقى للحد الأدنى المطلوب الذي يضمن للمتقاعد تغطية مستلزمات الحياة الكريمة إذا ما أردنا لهذا المتقاعد أن يستريح على أسرة مبرمجة ويسمع أغاني بلغة الورد والرياحين ويتنفس الهواء العليل، وإذا ما أردنا لبعضهم إلا يعيش في مآسٍ وعذابات العوز والفاقة والحرمان والوقوف في طوابير طويلة أمام الجمعيات الخيرية بانتظار ما تجود به عليه أريحية المتبرع، إن علينا ألا نجعل هذا المتقاعد يفرغ عقدته التاريخية وصراعاته النفسية بوجوهنا في يوم عصيب ما، إن المتقاعد إنسان قدم نفسه وسنين حياته من أجل خدمة وطنه وهو يضع أسس الحضارة على رأسه ليرفع من شأن بلاده لترتقي إلى مصاف الدول الأخرى المتقدمة، إن علينا ألا ننسى العطاء الروحي والزمني والوظيفي للمتقاعد وأن نمنحه الاهتمام الكافي وإنقاذه من حالة التعاسة والبؤس والحرمان بانتهاء خدماته، إنني أطالب بسن نظام تقاعدي جديد شفاف كامل لين وسهل يواكب العصر ومتطلباته المعيشية وشؤونه وشجونه، وفي ذات الوقت أتساءل عندما يقضي الإنسان أكثر من ثلاثين سنة أو يزيد في بناء وطنه، فهل بقي له بضع سنوات لكي ينعم بها هو وأولاده، فما الضير إذن أن يتمتع المتقاعد هو وعائلته لبضع سنين باقية في عجلة الزمن قبل رحيله إلى عالم البرزخ ليبدأ عهدا جديدا مع زملائه الذين سبقوه إلى عالم الأموات، هنا يكمن السؤال، فما الذي سيتحدث به الأموات عن الأحياء وهم يشكون لبعضهم البعض الجور الذي وقع عليهم نتيجة تقاعس مشرعي أنظمة التقاعد الذين تعاقبوا خلال السنوات الخوالي الكثيرة دون أدنى تغيير جدي يذكر، فهل يجدي نفعا حديث الأموات؟ وهل هو أفضل من حديث الأحياء الذي لم يصل إلى أذهان من يستطيع تغيير هذا الواقع المأساوي وتحويل حالهم إلى أفضل ولو بالقليل ومساعدتهم المساعدة الجدية وإزالة الإجحاف الحاصل بحقهم، إنني آمل من مؤسسات التقاعد بشقيها الحكومي والأهلي أن يتسع صدرها وقلبها لهذه الشريحة المتعبة، وأن تجد لها الحلول المناسبة على طاولة أعمالها، وعليها الاستفادة القصوى من تجارب الشعوب الأخرى في هذا المجال كأوروبا وأمريكا لكي تقدم لهؤلاء المتقاعدين سبل التقدم الاقتصادي والاجتماعي والأمن النفسي، لقد أخذنا كثيرا من تجارب هذه الشعوب كالهاتف المحمول والأطباق الفضائية والإنترنت والأجهزة الكهربائية وغيرها الكثير الذي لا يحصى ولا يعد، فلماذا لا نأخذ منهم ما هو الأفضل في سن القوانين والأنظمة والسياسات التقاعدية، لكي نجلب للمتقاعد وأسرته حياة أفضل ومعيشة كريمة للسنوات المتبقية له من عمره، إن التغيير مطلوب والتصحيح واجب وتفادي الأخطاء من علامات الوعي، لذا آمل أن يجدي حديثي هذا نفعا، حتى لا يبقى الحال كما هو عليه، وحتى لا يشبه حديث الأموات.
ramadanalanezi@hotmail.com