Al Jazirah NewsPaper Sunday  15/08/2010 G Issue 13835
الأحد 05 رمضان 1431   العدد  13835
 
نزهات
وأهلنا في العيص؟!
يوسف المحيميد

 

بعد عام على مأساة «العيص» بمنطقة المدينة المنورة، ورغم صرف مستحقات بدل معيشة وبدل سكن لمن تم تهجيرهم من منازلهم بسبب خطر الهزات الأرضية هناك، إلا أنه ما زالت ثمّة عائلات تعاني الفقر والتشرّد، خاصة أن شرط الحصول على بدل المعيشة والسكن هو إثبات السكن بإحضار صك التملّك! فمن كان يقطن خيمة مثلاً على أطراف القرى لن يحصل على التعويض، ومن يسكن منزلاً مستأجراً لن يحصل على التعويض!

ففي تقرير نشرته إحدى الصحف، أشار إلى ثمانية أسر يشكل أفرادها أكثر من ثمانين مواطناً، يعيشون حالة تشرد منذ العام الماضي، بعد الهزّات الأرضية، ورغم تبرع فاعل خير بخمسة بيوت جاهزة لهم، إلا أنها تحولت إلى جحيم في جمرة القيظ لعدم وجود الكهرباء، فالشركة تطالبهم بمبلغ تسعين ألف ريال نظير الأعمدة الكهربائية وإيصال الخدمة، مما جعل البعض يلجأ إلى الإقامة في خيمة هرباً من حريق البيت الجاهز الخالي من مقومات العيش الآدمي!

أين يذهب هؤلاء المشردون، الذين لا يكاد الجاهل يعرفهم من التعفف؟ ماذا يفعلون في رقعة واسعة من بلادنا الحبيبة لا يوجد فيها مكتب ضمان اجتماعي يهتم بحالتهم المزرية؟ كيف يواجهون الحرّ وتقلّبات الطقس؟ متى ينظر نحوهم خلسةً فاعل خير؟ ماذا يبقى للإنسان من وطنه إذا لم تسعه رقعتها؟ ولم تؤمن له فراشاً على أرضها، وتحميه من غدر السماء؟

في بداية توليه زمام الحكم، بادر الملك عبدالله، بزيارة الأحياء الفقيرة في الرياض، واطلع شخصياً على مشهد صغير جداً ممن يعيش تحت خط الفقر، واستبشرنا خيراً، بعد إقرار إنشاء صندوق الفقر، الذي تحدّثت عنه وسائل الإعلام هنا، ثم لم نعد نسمع عنه شيئاً، رغم أن إيراداتنا تعد الأعلى بين كثير من الدول، ورغم أن قائمة أثرياء العالم تتزيّن بكثير من تجارنا، إلا أن الفقراء يتكاثرون كالفطر!

لا أحد يعترض على أي مساعدة إنسانية، ولا يمكن إلا أن نبارك الهبّة التي نفعلها دائماً مع الدول الصديقة المنكوبة، إما بسبب حرب أو ظاهرة طبيعية، بل إننا نشعر بالفخر حين نكون في مقدمة دول العالم التي تساعد المحتاج وتنقذ المنكوب، فمن يشاهد أهالي باكستان المشردين وهم يتخطفون المساعدات الإنسانية، لا يملك إلا الدعاء لهم لتجاوز محنتهم، ويسعد بأن تكون المملكة من أهم الدول التي قدّمت المساعدات، بل إن يكون 50% من المساعدات التي وصلت باكستان هي من المملكة، لكن في الوقت ذاته، يشعر بالأسى حين يجد أهالي العيص، وهم أهلنا وأقرباؤنا، مازالوا يعانون من فقدان المسكن، مازالوا يحلمون بالكهرباء، مازالوا ينتظرون مكتب خدمات ضمان اجتماعي، مازالوا يأملون بالمساعدات، يتخيلون اليد الممدودة تجاههم، دون أن ينطقوا أو يتوسلوا، يمنعهم من ذلك التعفف!

أكاد أجزم أن حفلات التبرع التي ينظمها تلفزيوننا العزيز لمنكوبي العالم، لو أفرد إحداها لأهالي العيص النازحين، سيزدحم شارع التلفزيون في الرياض، أو في جدة، أو حتى في المدينة المنورة، وسيصل الرقم إلى مئات الملايين، وستُحل جميع المشاكل لديهم، وليس مجرّد 90 ألف قيمة توصيل خدمة الكهرباء!

قلوبنا معكم أهالي العيص!



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد