تجربة السفر من التجارب التي تبقى في الذاكرة بشكل بارز وتحمل في ثناياها شعوراً إنسانياً لا يندمل بسرعة وهو ما أوحى في بداية السبعينات الميلادية إلى أحد المخرجين العالميين بتبني إنتاج الفيلم الشهير «The Out-of-Towners»..
..والذي يعرض تجربة سيئة لزوجين مع إحدى شركات الطيران باتت تسمى فيما بعد على سبيل التندر «The Out-of-Towners” experience ».... تلك التجربة المريرة التي صورها مخرج السبعينات تتكرر بشكل شبه يومي مع ركاب الخطوط السعودية التي يجمع القاصي والداني بأنها باتت تمثل صورة سلبية تجاوزت خيال مخرج السبعينات وباتت تسيء إلى المملكة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى!
المحاسبة والعلاج الجذري هي ما ينتظره الوطن وأبناؤه في التعاطي مع الخطوط السعودية وأدائها الإداري والتشغيلي المترهل... تقول إحدى المدونات العالميات في نصيحة لها للمقدمين على السفر إنه لا بد لهم من قراءة تقارير خدمة العملاء لخطوط شركات الطيران قبل حجز مقعد في أي منها معتبرة هذا الأسلوب من ثقافة الاستهلاك تعزيزاً للمحاسبة من قبل المستهلك وتصحيحاً للاختلالات... وركاب السعودية وللأسف الشديد يروون قصصاً ومآسي كثيرة تجعلها خيارا غير محبذ في أي وجهة مهما كانت!
يقول راكب بريطاني في استفتاء رضا العملاء في موقع skytrax حول أداء خطوط الطيران في معرض تجربته مع الخطوط السعودية إنها كانت كابوس!... ويقول راكب غربي آخر مقيم في المملكة إن الخدمة مروعة ويتساءل كيف يفلت المسؤولون عن العقاب حين تتأخر الرحلة ثلاث ساعات دون تفسير أو حتى محاولة اعتذار!
راكب سعودي يتحدث في أحد مكاتب الحجز عن عهد قطعه على نفسه أن لا يستقل أي طائرة للسعودية إلا مضطراً بعد تجربة ليست بالحديثة عاشها على إحدى مقاعدها ويروي الراكب تلك التجربة بمرارة قائلاً: بعد أن استقر الركاب في مقاعدهم طلب منهم المضيفون النزول من الطائرة لتفقد الأمتعة والتأكد منها وحين نزل راكب مع والدته وأخته تفاجئوا بعد عودتهم بوجود ثلاثة ركاب غير سعوديين في أماكنهم دون تبرير أو احترام... ويتساءل الراكب: هل يمكن لهؤلاء الركاب الحصول على مثل تلك المقاعد بذات الطريقة في طيران بلادهم!
التواتر في روايات القدح في خدمات ومستوى أداء الخطوط السعودية بات من المسلمات التي لا تقبل الجدل أو التشكيك فلا تكاد تجد راكباً إلا ويحمل في ذاكرته فيضاً من القصص والحكايات التي عاشها أو شهد عليها شخصياً، ورغم أن هذا الجرح لم يندمل بعد... إلا أن سخونة الصيف وموسم السفر يكشفان أكثر عن عمق الخلل وسوء الإدارة والتدبير!
في إحدى رحلات السعودية الإضافية مؤخراً وفي مكتب «لندن» المدينة التي تعزز الانضباط والالتزام تتأخر الرحلة من الساعة الثامنة والنصف صباحاً إلى العاشرة مساء فلا يجد الركاب المتكدسون أمام كاونترات السعودية من يخبرهم عن التأجيل حتى يطرقون الأبواب لوقت ليس بالقصير فيتطوع أحد القابعين خلف الباب بإخبارهم بالأمر وأنه لا ينتمي لمكتب السعودية! ثم تتطوع إحدى المسؤولات في مكتب السعودية بعد انتظار طويل بالحضور مؤكدة أنه يوم إجازة لها وإنما تم استدعاؤها للسيطرة على الحدث لتؤكد التأجيل وبعد جدل طويل ومشادة ساخنة مع أحد الركاب الغاضبين الذي طالبها بمعالجة الأمر كما تفعل خطوط الطيران العالمية التي تقدر المسافرين على متنها تطوعت بنقل الركاب إلى أحد الفنادق القريبة من المطار حتى يحين موعد الرحلة!..
هذه الثقافة المتبلدة من الأداء هي ما جعل الخطوط السعودية تقبع في مستوى الثلاث نجوم في تصنيف موقع skytrax العالمي المتخصص مع خطوط طيران كالخطوط الكينية والفلبينية والسيرلنكية بل والمنيمارية، بينما تتوج الخطوط القطرية التي لا تملك من التاريخ الكثير ب5 نجوم في رأس القائمة، فيما حصلت الخطوط الإماراتية والتركية والإندونيسية جارودا على 4 نجوم!
مأساة الخطوط السعودية أنها وصلت إلى مرحلة «لقد أسمعت لو ناديت حيا»! وهي مرحلة لا ينفع معها النقد ولا ملاحظة الأخطاء والتصويب بقدر ما تحتاج إلى علاج جذري يعيد إلى السعودية صفاء صورتها ونقائها باعتبارها تحمل اسم الوطن الذي لا يقبل استهتار إداري أو تجاوز مصلحي ضيق...
أخيراً فإنه ومن باب الأمانة وحفظ الحقوق فإن العنوان الذي اخترته للزاوية «السعودية تسيء إلى السعودية ليس من بنات أفكاري ولا أولادها بل استعرته من عنوان لإحدى رسائل جوال منطقة الرياض الذي يتابع باحترافية أداء المؤسسات الخدمية التي ترتبط بالمواطن ويقدم آخر الأخبار المتعلقة بها.