Al Jazirah NewsPaper Saturday  14/08/2010 G Issue 13834
السبت 04 رمضان 1431   العدد  13834
 
ابن حميد يؤكد: لا أضرّ على البلاد من التجرؤ على الكتاب والسُّنّة والتصدر للفتوى
خطبة الحرم المكي: خادم الحرمين كان صارمًا في منع التجاوز على المؤسسات الشرعية

 

الجزيرة - واس

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل والاستعداد؛ فالموت مورد، والساعة موعد، والقيامة مشهد. وقال في خطبة الجمعة أمس في المسجد الحرام: «في كتاب الله مواعظ لمن اتعظ، ومواعظ وذكرى توقظ القلب المستنير، ويقظة القلوب تحيا بموت الهوى، وغفلة النفوس تنقشع بحلول الخشية، والكسل تطرده سهام الحذر، فلا سكون لخائف، ولا قرار لعارف، والمقصر إذا ذكر تقصيره ندم، والحذر إذا فكر في مصيره حزم». وأضاف: وأنتم في مستقبل هذا الشهر الكريم ترجون فضل ربكم، وتتعرضون لنفحات مولاكم، تأملون في خيره وبره، وتحاذرون تقصيركم، وتخشون ذنوبكم. تقبَّل الله منا ومنكم، ورزقنا فيه القيام والصيام. وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن الله خلق الخلق ليعبدوه ويحبوه ويعظموه، نصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه ويخافوه؛ ليخافوا ربهم خوف إجلال وتقدير ومحبة وتعظيم. دعا عباده إلى خشيته وتقواه والمسارعة إلى امتثال ما يحبه ويرضاه والمباعدة عما ينهى عنه ويكرهه ويأباه. وقال الدكتور صالح بن حميد: «إن من كان بالله أعرف كان منه أخوف، وملائكة الرحمن هم أعرف بربهم، يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون، ورسل الله وأنبياؤه هم سادات الخائفين، ثم يأتي أهل العلم الربانيون فهم أهل الخشية، وكلما كان العالم مستشعراً مسؤولياته مستذكراً وقوفه بين يدي مولاه وعلم عظم المسؤولية وكبر الأمانة وسعى في براءة الذمة كان خوفه من الله وخشيته من مولاه على قدر ما يستشعر ويستحضر». وأضاف: «وإن مما يجسد ذلك ويبينه ذلك التوجيه الراشد والكلمة الصادقة التي خاطب فيها ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين وحامي حماهما وحامي الشرع المطهر، خاطب فيها - حفظه الله - العلماء والمسؤولين في الدولة من منطلق مسؤوليته الشرعية وإمامته الدينية؛ فقد حفظ لأهل العلم منزلتهم وللمؤسسات الشرعية مقامها، وحما حقها وصان حدودها، ووقف بحزم في منع تجاوزها أو النيل من هيبتها؛ فمما قال حفظه الله «فشأن يتعلق بديننا ووطننا وأمننا وسمعة علمائنا ومؤسساتنا الشرعية التي هي موطن اعتزازنا واغتباطنا لن نتهاون فيه أو نتقاعس عنه، ديناً ندين الله به، ومسؤولية نضطلع بها إن شاء الله على الوجه الذي يرضيه، فمن واجبنا الشرعي الوقوف إزاءها بحزم وقوة؛ حفظاً للدين، وهو أعز ما نملك، ورعاية لوحدة الكلمة والأمة، وحسماً لمادة الشر؛ فديننا هو عصمة أمرنا فلا أضر على البلاد والعباد من التجرؤ على الكتاب والسُّنّة والتصدر للفتوى من غير ذي أهلية، والدين ليس محلاً للتباهي ومطامع الدنيا.

وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - كان حازما صارما في منع التجاوز على المؤسسات الشرعية والوقوع فيها وفي حملتها ومسؤوليها، وقال فضيلته: حمى حدود الفتوى وحفظ الشرع المطهر تعظيما لدين الله من الافتئات عليه ممن يقتحمون المركب الصعب ولم يتسلحوا بالعلم ويحملوا آلته المؤهلة ممن ينتسبون إلى علم أو فكر أو ثقافة أو إعلام؛ حيث لا يجوز أن تكون دائرة الخلاف المسموح بها شرعا سبيلا للتقول على الله أو تجاوز أهل الذكر أو التطاول على أهل العلم؛ ففرق بين سعة الشريعة ورحمتها وفوضى القيل والقال، والخلاف شر وفتنة، وكل من خرج عن الجادة التي استقر عليها أمر الأمة مما سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من الصحابة رضوان الله عليهم ثم من تبعهم بإحسان من علماء الأمة.. فمن خرج عن الجادة لا بد من لجمه وإيقافه عند حده؛ فالنفوس ضعيفة والشبه خطافة وأضواء الإعلام محرقة والمغرض مترقب متربص. مؤكدا أحسن الله إليه ورفع مقامه أن المؤسسات الشرعية قامت بواجبها على الوجه الأكمل، ومن أراد أن يقلل من دورها متعديا على صلاحيتها ومتجاوزا أنظمة الدولة ناصبا نفسه لمناقشتها فيجب الوقوف أمامه بحزم ورده لجادة الصواب وإلزامه باحترام الدور الكبير الذي تقوم به هذه المؤسسات الشرعية وعدم الإساءة إليها والتشكيك في اضطلاعها بمسؤولياتها لإضعاف هيبتها والنَّيل من سمعتها، والمقصود من كل ذلك حفظ حمى الدين سيرا على ما تقتضيه السياسة الشرعية في اجتماع الكلمة وتوحيد الصف ونبذ الفرقة والاجتماع على أمر الدين ودرء الفتنة. أما الفتاوى الخاصة في أمور العبادات والمعاملات وشؤون الأسرة والأحوال الشخصية بين السائل والمسؤول والمستفتي والمفتي فهذا أمره واسع. ألا فليهنأ أهل العلم بهذا التسديد ولتقم المؤسسات الشرعية بمسؤولياتها وليخشوا ربهم ولا يخشوا أحداً إلا الله، وكفى بربك هاديا ونصيرا.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد