إن المظهر الخارجي للإنسان قد يعطي انطباعاً مغشوشاً ومغلوطاً عن ماهية وحقيقة هذا الشخص أو ذاك. وهذا الانطباع المغلوط قد ينطبق أيضاً على أي كاتب، فأنت قد تعجب بما كتبه هذا الكاتب أو ذلك فتكون رأياً محدداً عنه.
وفي كلتا الحالتين قد تتغير الصورة وتنقلب إلى العكس، وهذا يحدث عندما تقابل هذا الإنسان فتجده بعكس ما كنت تظنه عنه، وهذا نتيجة لحديثه ومنطقه ورؤيته للأشياء عند مخاطبته ومناقشته؛ أي أن الظاهر غير الباطن والمنطق غير المكتوب.
وهنا سنورد حكاية شعبية تروى. وهذه الحكاية تقول:
كان أحد الآباء يريد أن يزوج ابنه بإحدى بنات جيرانه، ولكنه كان في حيرة من أمره، فهو على علم ودراية كافية بمنطق وتصرفات ابنه، ولذا؛ فهو في خشية من أمره وبخوف من أن يفشله ويخزيه ابنه عند جاره والد البنت الذي يرغب في تزويج ابنه بها، ومع هذا، فقد توكل على الله وصمم أن يذهب إلى جاره ومعه ابنه، وقبل أن يخرج من بيته قال لابنه: البس ثوبا جديدا وغترة وعقالا، وهذا البشت وتعطر وشذب شاربك ولحيتك، ولكن عندما نصل ونجلس في مجلس جارنا إياي وإياك أن تتفوه بأية كلمة، ولا تتدخل في الكلام بيني وبين جاري، أنا الذي سأخطب لك البنت.
ذهب الأب مع ابنه بعد صلاة الظهر إلى منزل جاره، فرحب بهما الجار وقدم لهما الشاي والقهوة وصار الرجلان يتحدثان مع بعضهما في أمور شتّى، والولد يستمع إليهما، ثم تطرق والد الولد إلى سبب زيارته لجاره، وهو يقول: يا أبا عبدالله، أنا حضرت مع ابني هذا لأطلب منك أن تقبل في تزويج بنتك فلانة لابني هذا، فوافق أبو البنت ورحب بذلك؛ لأنه يعرف جاره تمام المعرفة، كل هذا حدث والابن ساكت صامت.. أذن المؤذن لصلاة العصر، فقال والد الولد: عن إذنك يا أبا عبدالله، أريد أن أدخل لدورة المياه لأتوضأ، فقام وذهب. ففكر والد البنت بهذا الشاب الجالس أمامه وقال له: ما هو رأيك يا ولدي بهذه الجلسة أنا وأبوك وأنت؟ فقال الولد: مجلس والدي أحسن من مجلسك، وأنا ضاق صدري من هذا البشت الذي على ظهري غصبني والدي على لبسه، وقهوتك مرة، ونارك ضعيفة، والشاي قليل سكره، والوعد عندما تزورنا في البيت فسترى الشغل السنع.
عاد والد الشاب من دورة المياه وهو يقول لوالد البنت: خلاص اتفقنا على العرس والزواج يا أبا عبدالله؟ فقال أبو عبدالله: لم نتفق على شيء استخرنا، فقال والد الشاب: هل ولدي حكى يا أبا عبدالله، فقال أبو عبدالله: حكى وبين المكنون، فردَّ عليه والد الشاب، وقال: أمرنا لله.. ليته ما حكى.