أختي لولوة..! كان بالإمكان أن تؤجلي سفرك شهراً أو شهرين، عاماً أو عامين.. أو أن تبلغيني بقرار سفرك، حتى أُعدَّ العدّة، وأستطيع استيعاب الفراغ الذي لفَّ كلّ كياني، وداري، وأسرتي، وتركتني كريشة في مهب الريح. ها أنا أشعر بحريق هائل يُشعل جسدي، الدخان يتطاير من روحي.. هل ترين ذلك الدخان..!؟
وحزني الذي تكسّر على حزني أصبح هو الآخر لا يقوى على شيء..
أحاول أن أنظر إلى أبنائك.. نواف، ووعد، وبندر، ومشاعل فلا أقوى..
أتلفّت إليك علِّي أراك، أو أجدك فلا أسمع إلاّ رنّات هاتفك، وكلماتك التي تناديني.. ثم تمضين، فلم أعد أراك، أو ألحق بك.. إلى أين!؟
لماذا رغبتِ في الرحيل مسرعة..! ما الذي أتعبك، وأضناك..؟! كان يمكن أن أضمِّك إلى صدري، وأتعلّق بيديك، وأحكي لك كلّ أسراري، وأقصّ عليك أخباري وأبوحُ لك وأنا العروس.. كيف كنت أمي وأختي، وصديقتي، وأُنسي..
لم ترتِّبي كما عهدتك حقائبك، ولم تبحثي في قلق عن أشيائك أين وضعتها..، وأين ذهبت.. حتى أنك لم تأخذي أهم الأشياء لديك.. كنت في غاية الاستعجال، وكنت صامتة.. لم تقولي لأحدٍ عن قرارك، حتى زوجك، وأولادك.. لم تخبريهم أين تركت بعض أوراقك، ودفاتر طلابك.. وحدك تقررين، ووحدك تسافرين..!! لم أتخيل إلاّ أن تكوني في الغرفة المجاورة.
أسمع صوتك مع بعض أولادك، وأسمع ضحكاتك.. فأرتعش.. أطرق باب غرفتك، لأصطحبك إلى الإفطار مع بقية إخوتي وأخواتي، وخالتي.. ولكنّ الباب يظلُّ مغلقاً.. أفتح الباب بهدوء أخشى أن تكوني على الهاتف تتحدثين.. ولكن المفاجأة أنّ سريرك كما هو لا زال مرتّباً، وكل شيء في الغرفة صامت..
أقف على ثيابك المنسية، وخزائنك المفتوحة، وأشيائك المبعثرة.. ثم أنكفئ على ذاتي. وأشهق الشهقة تلو الأخرى ولكنك لم تري روحي وهي تطيرُ شعاعاً. ولم تريني وأنا أمشي ورائك لاهثة..
أناديك.. عودي..
لم أجدك، كان خيالك هناك.. يلوّح لي، ثم اختفى في ملكوت الرحمن، ورحمة أرحم الراحمين..!! إنها إرادة الله وليس لنا أمامها إلاّ التسليم بالقضاء والقدر.
أختك الملتاعة / الجوهرة الهزاني
الرياض