يدي التي أكتب من خلالها هذا المقال سبق وأن كتبت بها حوالي ألفي مقال منذ بدأت أتشرف بالكتابة عبر وسائل الإعلامA وصحافتنا المحلية.. ولكن لدي إحساس بأن هذا المقال هو الأصعب حتى الآن.. أحاول رصّ الكلمات.. أجاهد لاستحضار المفردات.. أعاني في هذه الأثناء من تشتت الذهن وعدم الاستطاعة على التركيز، ذلك أني أكتب عن (أمي الثانية).. نعم أعتبرها أماً ثانية لي، فقدتها كما فقدها أبناؤها محمد وصادق وأمين.. تلكم المرأة العظيمة هي منيرة العلي العبدالله التويجري التي ودعت هذه الدار الفانية إلى دار البقاء والخلود في جنان عدن بمشيئة الله ظهر يوم الجمعة الموافق 25-8-1431هـ والذي لن يغيب عن ذاكرتي أبداً ولن تمحوه السنين ففيه فقدنا ذلك الوجه المشرق.. الوجه الطاهر.. الوجه الوضاء المتلألئ بنور الإيمان وطاعة الخالق عز وجل.. رحلت (أم محمد) التي وأقسم على ذلك يندر مثلها في الوجود فصفاتها فريدة وخصالها رائعة.. مؤمنة.. صابرة.. محتسبة.. محبة للجميع.. محبوبة من الجميع.. بشوشة.. رحيمة.. تقدر من يكبرها.. تعطف على الصغار.. تحب أقاربها وتدعو لهم دائماً.. كنت أزورها سواء في المنزل بالطرفية الشرقية أو في مستشفى الملك فهد التخصصي بمدينة بريدة.. وبالرغم من إحساسي بمعاناتها وصوتها الخافت أحياناً والمتهدج أحياناً إلا أنها تقول (أنا بخير... والحمد لله على كل حال). والله يعلم وحده سبحانه ما كانت تقاسيه حينها من آلام مبرحة ولكنه الرضا بقدر الله والصبر والاحتساب رجاء ثواب الخالق عز وجل وطمعاً في تكفيره جل وعلا للذنوب إنها أمي وأنا ابنها فلا أنسى عندما تعبت أنا قبل عامين تقريباً وأمضيت فترة من الزمن وهي تتصل بي يومياً لتطمئن وتسأل عن حالي وتدعو لي بل وتحضر ماء زمزم المقروء به الرقية الشرعية من قبل بعض المشايخ لأجل الشفاء وقد تحقق ذلك تماماً وذهب ما كنت أعانيه من أثر العين بفضل الله ثم دعواتها والطيبين وذلك الماء المنفوث فيه بكلام الله، ووالله لم يفعل ذلك أقصد الحرص والاتصال اليومي سوى والدتي الغالية حفظها الله وأبقاها ووالدي على صحة وعمل صالح.
لقد عانت خالتي قبل عشرين عاماً من فقد ابنتها (النوري) عندما دهست قرب الحرم الشريف بمكة المكرمة وهي حامل وماتت هي وجنينها وصبرت واحتسبت وتابعت بقلب الأم الحنون والجدة الرحيمة وضع حفيديها محمد وعبدالرحمن الشبرمي وكان حبها لهما لا يوصف وهما كذلك وتابعت تربية أبنائها محمد وصادق وأمين منذ نعومة أظفارهم إلى أن أصبحوا من خيرة الرجال.. ولا أنسى تقديرها وحبها لزوجها الشيخ أحمد الحمود التويجري ووالله إن القلم ليعجز عن السرد فما في جعبتي الكثير ولكني لا أستطيع. تغمدها الله بواسع رحمته وأسكنها فسيح جناته وألهم أهلها وذويها الصبر والسلوان.
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
عبدالعزيز بن صالح الدباسي
بريدة - الشؤون الاجتماعية