علم وفن تخطيط الموارد البشرية يُعنى بتأهيل وتنمية القدرات والمهارات الإنسانية لتكون قادرة فنياً ومهنياً على مباشرة تنفيذ الأهداف والمهام الموكولة إليها وفق المستهدف، وعلى أفضل صورة ممكنة.
ومن أبرز أهداف علم تخطيط الموارد البشرية:
تحديد احتياجات المنشأة المستقبلية من العناصر البشرية بمختلف التخصصات والمهارات.
تحسين معدلات الأداء والإنتاجية، وتنمية المهارات والمعارف الكلية، وزيادة الربحية، وتخفيض تكاليف الإنتاج.
إحداث التغيرات الهيكلية والتنظيمية التي تساعد على التعامل الإيجابي مع التطورات البيئية والتقنية الداخلية والخارجية.
مباشرة ومتابعة أعمال تطبيقات التعاملات الإلكترونية التي تستهدف استعمال تكنولوجيا المعلومات في إعادة تنظيم الأعمال عن طريق مداولة وتبادل المعلومات إلكترونياً بين المؤسسات والمنشآت ذاتها، ومع الأفراد.
إبراز عناصر القوة والضعف في نوعية وأداء العاملين في المنشأة، بما يساعد على بناء برامج التطوير والتدريب والتحفيز المناسبة.
إشباع رغبات واحتياجات كلٍ من المنشأة والمستهلك.
ومن المهم جداً الأخذ في الحسبان عند مباشرة مشروع تخطيط الموارد البشرية بالعناصر المتصلة بالبيئة الداخلية للمنشأة، مراعاة: الأهداف العامة للمنشأة، وإمكانياتها المالية، وطبيعة التغيرات الهيكلية أو التنظيمية التي ترغب المنشأة في إحداثها، وحجم العمل ونوعيته، إضافة إلى البيئة الخارجية المؤثرة على حجم ونشاط المنشأة، ومن أبرزها العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والسكانية، والتقنية، والقانونية، والتشريعية. ويعتمد نجاح عملية تخطيط الموارد البشرية على صحة ودقة المعلومات والبيانات والإحصائيات المدخلة، والمتابعة والتنسيق في مراحل التطبيق والتنفيذ.
في المشهد السعودي تتسع دائرة الاهتمام والعناية ببرامج تخطيط الموارد البشرية في مؤسسات القطاعين العام والخاص، بما يعكس زيادة مُطّردة في درجة الوعي العام بأهمية هذه النوعية من البرامج، وأنَّها رافد أساس في منظومة التنمية الشاملة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والتنظيمية.
ومن أبرز مؤشرات هذا الاهتمام اتساع نطاق المراكز والمنظمات والجامعات التي تُعنى بتقديم المناهج والدورات والبرامج ذات الصِّلة بتخطيط وتنمية الموارد البشرية. وكذلك حجم الفئات المستهدفة في كلا القطاعين العام والخاص، بل يبدو أنَّ هناك منافسة بين وحدات هذين القطاعين لتحسين مواقعهما في مجال تخطيط مواردهما البشرية، ومخرجاتهما الفنية والمهنية.
على هذا الصعيد، قد يكون من المناسب في هذا المقام والمقال الإشارة والإشادة بالحراك والنشاط الكبير في مجال تخطيط وتنمية الموارد البشرية الذي تتبناه الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للرفع من قدرات ومهارات منسوبيها. وقد لا أُبالغ إذا زعمت أن مؤشرات هذا الحراك ذات طبيعة متصلة على مدار الفصول الأربعة للعام، وتشتمل في الأغلب على برامج فقه الحِسْبة، والأنظمة، ومهارات التفكير والتخطيط، والاتصال والحوار، والعلاقات الإنسانية، والإرشاد والتوعية والتوجيه. وتتعدد قنوات هذا الحراك لتشمل التدريب، والابتعاث، والإيفاد، عبر العديد من المراكز والمؤسسات والجامعات المتخصصة في الداخل والخارج.
وفي إطار هذا الحراك التنموي المهم، الذي يستوعب الفصول الأربعة، شهِد هذا الصيف إقامة الكثير من الفعاليات والأنشطة والملتقيات، لعلَّ من أبرزها عقد الملتقى التدريبي الصيفي لقيادات العمل الميداني بالتعاون والشراكة بين جهاز الهيئة وجامعة الطائف بتاريخ 1-8-1431هـ ولمدة ثلاثة أسابيع، تحت عنوان «تنمية مهارات العمل الميداني».
وقد كانت من أبرز مناشط وبرامج هذا الملتقى:
- تدريب نحو (540) قيادياً من منسوبي جهاز الهيئة، منهم (116) رئيس هيئة، و(346) رئيس مركز هيئة، و(78) من مديري الإدارات ورؤساء الأقسام ذات العلاقة بالعمل الميداني، وهو حراكٌ غير مسبوق بهذا العدد الكبير من قيادات العمل الميداني، الذين تمَّ إخضاعهم لجرعات تدريبية مكثفة في فترة زمنية قياسية، وهو بالتأكيد مؤشر مهمٌ على القيمة العالية لمفهوم التدريب والتخطيط والتطوير لدى جهاز الهيئة.
- احتوى برنامج هذا الملتقى بمحاوره الشرعية والنظامية والإدارية على (18) دورة تدريبية توزعت على (6) فترات تدريبية متوالية، واشتملت كل فترة على (3) دورات تدريبية متزامنة، مُدَّة كل واحدةٍ منها ثلاثة أيام بمعدل (15) ساعة تدريبية.
- الموضوعات المدرجة في هذا البرنامج التدريبي الموسع لها أهميتها الخاصَّة؛ كونها تلامس احتياجات قادة العمل الميداني، وسُبُل التعاطي الإيجابي مع القضايا والأحداث التي تقع في الميدان. ومن ذلك مسائل التأصيل العلمي للضوابط الشرعية في العمل الميداني، من خلال أحكام فقه الحِسْبة وآدابها، في ضوء فقه المصالح والمفاسد. والتعريف بالأنظمة والضوابط النظامية في العمل الميداني، ومسائل القبض والتفتيش وتحرير المحاضر، إضافة إلى الموضوعات ذات الصِّلة بالمهارات الإدارية والإنسانية في العمل الميداني.
- الملتقى كان فرصة سانحة ومهمة، في الوقت ذاته، لتبادل الخبرات، ونقل التجارب بين قادة العمل الميداني، وبما يُعزّز ويثري جوانب المعرفة لديهم، وينعكس إيجاباً على الإجراءات والممارسات الميدانية.
- احتوى الملتقى في خطوة غير مسبوقة على برامج إضافية مصاحبة للبرنامج الأساس، وكان من أبرزها استضافة عددٍ من أصحاب المعالي أعضاء هيئة كبار العلماء، في لقاءات مفتوحة ومباشرة مع قادة العمل الميداني المشاركين في فعاليات هذا الملتقى. وكانت مناسبة جيدة للاستماع إلى توجيهاتهم بما يخص الطريقة المناسبة لإنكار المنكرات، واستخدام السلطة في موضعها لمعالجة الأمراض الاجتماعية، والتزود بالفقه الشرعي للدعوة على علمٍ وبصيرة، والاعتماد على عناصر الحكمة واللين والرفق ووسائل الإقناع في الدعوة.
في المحصلة النهائية تبدو لنا ملامح مستقبلية واعدة، ومعطيات إيجابية مشرقة نحو الارتقاء بمستويات أداء عموم العمل الميداني، من خلال خطط وبرامج جهاز الهيئة على المديين القصير والطويل.
الكلمة الأخيرة: بالإرادة والإدارة والشفافية ونقاء الضمير واستشعار المسؤولية يمكن النهوض وتخطي المصاعب والعقبات، وتحقيق الغايات المستهدفة.