الأنظمة أو القوانين هي تلك القواعد العامة المجردة التي تنظم علاقة أي دولة بمواطنيها أو علاقتها مع الدول الأخرى أو علاقة المواطنين فيما بينهم.
وتعني عمومية القاعدة النظامية أو القانونية كونها تقوم بمخاطبة المعنيين بها بصفاتهم وليس بذواتهم، أي بصفة عامة وليس بصفة فردية، فمثلاً قواعد التوظف تعني، كل مواطن يرغب الالتحاق بالوظيفة العامة إذا توفرت لديه ضوابط وشروط التعيين. وقواعد الالتحاق بالجامعات السعودية، تعني كل شاب سعودي يرغب الالتحاق بأي من الجامعات السعودية ممن تتوفر فيه شروط ومعدلات القول، وقواعد حظر إلقاء المخلفات في الطرقات والأماكن تعني كل مواطن أو مقيم.
أما صفة التجريد في القاعدة النظامية فتعني إعمال مبدأ العدالة في التطبيق بين من تتوفر فيهم شروط وضوابط القاعدة النظامية إذ لا فرق بين شخص وآخر في الحصول على الميزة التي أوردتها القاعدة النظامية، أو في الامتناع عما حظرته القاعدة النظامية في حالة توفر الضوابط التي وردت فيها.
وتأتي الشريعة الإسلامية في مقدمة الأنظمة بل إن الشريعة تعتبر أساساً ومصدراً للقوانين الوضعية الحالية فقد تأثر واضعوها في فرنسا وغيرها من دول أوروبا بقواعد الفقه الإسلامي أيام الوجود الإسلامي في جنوب أوروبا لكونها تستند إلى نظام رباني لا يتغير مع مرور الزمان وتغير المكان.
والشريعة التي جاءت قبل ما يزيد عن أربعة عشر قرناً وربع القرن، وضعت القواعد العامة ورسمت الخطوط الرئيسية تاركة التفاصيل والجزئيات لاجتهاد الأمة بما يتناسب مع ديمومة الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان، ولذلك خول ولاة الأمر في الدولة الإسلامية بما يعرف بالسياسة الشرعية والتي تخولهم وضع القواعد التي تنظم المتطلبات الجديدة التي لم تكن معروفة وقت نزول التشريع الإسلامي على أن لا تتعارض تلك القواعد مع أصول الشريعة الإسلامية ومرجع هذه القواعد إما أن يكون القياس على قاعدة شرعية موجودة أو الاستحسان لعرف سائد أو توخي المصلحة العامة.
ومثال هذه القواعد في بلادنا (الأنظمة ولوائحها التنفيذية أو التنظيمية) التي أصدرتها الدولة لتنظيم جوانب معينة كأنظمة الموظفين والأنظمة المالية والتجارية والتعليمية والخدمية والمرور والأحوال المدنية والجنسية والتقاعد والتأمينات ونحو ذلك وهي التي وضعت بما لا يتعارض مع قواعد الشريعة.
ويمر مشروع النظام في المملكة بالعديد من المراحل حتى يصبح نظاماً نافذاً فبعد مرحلة اقتراح النظام تتم دراسته من لجان متخصصة ثم يعرض على الوزراء لإبداء مرئياتهم حوله ثم تتم دراسته في هيئة الخبراء في مجلس الوزراء قبل مناقشته في مجلس الشورى، ثم يرفع للملك ثم يعرض على مجلس الوزراء، إن رأى الملك ذلك، ثم يرفع لمقام الملك -حفظه الله- للمصادقة عليه، أما اللوائح التنفيذية فإنه بعد دراستها تعرض على الهيئة المخولة بإصدارها فمثلاً لوائح الموظفين الخاضعين لنظام الخدمة المدنية تصدر من مجلس الخدمة المدنية، ولوائح منسوبي الجامعات تصدر من مجلس التعليم العالي، ولوائح المؤسسات العامة المستقلة تصدر من مجلس الإدارة، ولوائح العمال تصدر من وزارة العمل ونحو ذلك.
ويبدأ نفاذ الأنظمة من التاريخ الذي يحدده النظام فإن لم يحدد النظام تاريخاً معيناً فإن النفاذ يكون من تاريخ نشر النظام في الجريدة الرسمية وهي في المملكة جريدة (أم القرى) ونفاذ النظام يعني بداية العمل به حيث لا يعذر أحد بعد ذلك بالجهل به سواء الأفراد الخاضعين له أو الجهات الإدارية المعنية بتطبيقه تمشياً مع القاعدة القانونية (لا يعذر أحد بالجهل بالقانون).
ومن أجل تفعيل الأنظمة وتطبيقها على الخاضعين لها فإن الأمر يتطلب ما يلي:
- أن تكون الأنظمة نابعة من البيئة الاجتماعية بما لا يتعارض مع قواعد الشريعة الغراء وعادات وتقاليد المجتمع المحمودة وأن يتم اختيار الأشخاص المناسبين لوضعها.
- أن يكون هناك متابعة لتطبيق الأنظمة للتأكد من أن تطبيقها يتم حسب المطلوب.
- أن تكون الأنظمة خاضعة للتطوير والتجديد والمراجعة من حين لآخر على ضوء ما يسفر عنه العلم بها، بحيث تنص الأنظمة على القواعد الرئيسة تاركة التفاصيل للوائح التنفيذية التي يسهل تعديلها وتطويرها عندما يتطلب الأمر ذلك، وتطوير الأنظمة ومراجعتها يتم عندما يكون هناك متابعة دقيقة لتطبيقها.
- أن تحظى الأنظمة باحترام المعنيين بها وبالذات من قبل الجهات الإدارية المعنية بتطبيق الأنظمة بأن تكون الأسوة الحسنة في هذا المجال بحيث لا يتم الخروج عن هذه الأنظمة بتأويلها أو تحميلها بما لا علاقة لها به.
- تعويد الناس من مواطنين ونحوهم على احترام الأنظمة وبث روح الوعي حول تنفيذها، والتعاون مع الجهات المعنية بتطبيق تلك الأنظمة وأن يكونوا أسوة حسنة للمقيمين في التطبيق السليم لها.
ويؤدي احترام الأنظمة وتطبيقها للآتي:
- استتباب التنظيم داخل الأجهزة الإدارية والأمن الاجتماعي بين المواطنين.
- تقدم مستوى الخدمات التي تقدمها المرافق العامة للمواطنين.
- المساواة والعدالة بين المواطنين الخاضعين للأنظمة واللوائح.
- تقوية مبادئ المواطنة والأخوة بين المواطنين وذلك إذا علموا أن الأنظمة تطبق بالموضوعية والسواسية على الجميع.
- تقوية عنصر الولاء لدى المواطن لوطنه ومجتمعه.