تقارير يتوالى نشرها من مراكز دراسات وبحوث معتبرة شرقية وغربية تؤكد غرق الإنسان -البعيد عن منهج الله عز وجل- في الشقاء الروحي والاضطراب النفسي والانكسار الوجداني، وتضرب لذلك أمثلة كثيرة من البشر غنيهم وفقيرهم، رئيسهم ومرؤوسهم، ذكرهم وأنثاهم، وتقدِّم إحصاء بأسماء آلاف المنتحرين والمنتحرات ممن غرقوا في متع الحياة، وجمعوا من الأموال المليارات، ولم يجدوا بعد ذلك منفذاً للتنفس الطبيعي المريح، فأصبحت حياتهم ضنكاً، لم ينقذهم منه -في نظرهم- إلا الانتحار.
|
تقارير توضح ذلك وتؤكده، ومع هذا نجد من بعض كتّاب المسلمين ومفكريهم وأدبائهم من يدعو إلى حياةٍ كحياة أولئك الأشقياء بدعوى التطوير ومواكبة الآخرين في التمدُّن، والحرية المطلقة، أليس هذا مثيراً للعَجَب والاستغراب؟
|
واقعٌ صارخٌ تراه العين، وتسمعه الأذن في فلسطين السليبة، وفي القدس الحبيبة، وفي المسجد الأقصى الغالي، وفي غزة المحاصرة، واقع يقول بملء فم العدوان والظلم: انظروا إلى قتل الأبرياء، وهدم البيوت، وحفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى، وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من بيوتهم وبلادهم، وتعذيب آلاف السجناء الأبرياء في سجون دولة العدوان الصهيونية، وإغلاق المعابر إغلاقاً محكماً ظالماً على أكثر من مليون ونصف فلسطيني في غزة، ومع هذا كله نجد من المسلمين من يتجاهل الحقيقة، بل نجد من يسوِّغ للعدو ما يفعل، ويلوم الضحية، ويحمِّلها المسؤولية، أليس هذا مثيراً للعجب والاستغراب؟
|
هجوم قاسٍ على باكستان شنَّه «ديفيد كامرون» رئيس وزراء بريطانيا اتهمها فيه بالتواطؤ مع الإرهاب، وأنها تحتضن الإرهابيين وتصدِّرهم إلى العالم، ومع ذلك فإن الرئيس الباكستاني «آصف زرداري» قام بعد هذا الهجوم بزيارة لبريطانيا كانت مليئة بتقديره واحترامه للرجل الذي هاجم بلاده، دون أن يشير إلى ذلك الهجوم من بعيد، أليس هذا مثيراً للعجب والاستغراب؟
|
وقد أعجبني في هذا الشأن تعليق «جوَّال فكر الإخباري» على هذا الموقف مشيراً إلى تدني شعبية «زرداري» بسبب هذا الموقف وما شابهه من المواقف السابقة، ولهذا كان جديراً بأن يسحب منه البرلمان الباكستاني «الشفرة النووية» قبل عدِّة شهور.
|
أخبار تتوالى عن سيطرة هندية على بنجلاديش من خلال حكومة حسينة العلمانية، ومعاناةٍ شديدة للدعاة والعلماء الذين أصبحوا منذ فترة نزلاء السجون في بنجلاديش لأنهم يدعون إلى الله سبحانه وتعالى، وقد بث جوَّال فكر الإخباري ملخصاً لما نشرته وكالات الأنباء العالمية، وعرضته بعض الفضائيات العربية وغير العربية عن هذا الموضوع الخطير، جاء فيه: «طلائع الجيش الهندي وصلت بعد أن أعلنت حكومة بنجلاديش العلمانية برئاسة «حسينة» أن البلاد علمانية، وحذفت حتى البسملة، وزجَّت بآلاف من الاتجاهات الإسلامية في السجون تمهيداً لمحاكمتهم، وإعدام بعضهم كما تشير إلى ذلك بعض الأخبار الواردة من هناك. وقد بدأت تظهر أصابع الهند في هذه المشكلة حيث قصدت إلى تقديم قيادات الجماعة الإسلامية للمحاكمات تمهيداً لإعدامهم وذلك بذريعة قتالهم مع جيش باكستان الشرقية ضد انفصال بنجلاديش، بعد أن ذاقت الهند الويلات على أيدي المسلمين في باكستان وكشمير وأفغانستان، فهي تحاول السيطرة على واحدة من أكبر دول المسلمين سكاناً لتحقيق جزء من مخطط الهند في الهيمنة على المنطقة.
|
ومع هذا الخطر المحدق بهذا البلد الإسلامي الكبير فإن المسلمين غافلون غفلة مطبقة عنه، ولا يعرف معظمهم عن بنجلاديش إلا جانب العمَّال المنتشرين في عددٍ من الدول الإسلامية. أليس هذا مثيراً للعجب والاستغراب؟!
|
كارثة كبيرة تتعرض لها باكستان بعد أن اجتاحتها عواصف جارفة من الأمطار والسيول والفيضانات أدت إلى تضرر ما يزيد على خمسة عشر مليونا من السكان، وقد بادرت حكومة المملكة العربية السعودية بإقامة جسر جوي للإنقاذ والمساعدة -جزاها الله أحسن الجزاء-.
|
ومع هذا لم يبادر الاتحاد الأوروبي، ولم تبادر أمريكا بتقديم مساعدات تذكر برغم هذه الكارثة الكبيرة مع أن باكستان «الحكومة» تعد من أهم حلفاء الغرب في المنطقة، وقدمت لحلف الأطلسي خدمات جليلة في الحرب الأخيرة. أليس هذا مثيراً للعجب والاستغراب؟!
|
نعم.. لنا أن نعجب، وعلينا أن نفهم ما يجري في العالم بذهن الإنسان المسلم الذي يفرق بين الحق والباطل، والصواب والخطأ.
|
|
عذراً إذا أَلْحَفْتُ فيما ابتغي |
إنَّ المحبَّ على الأحبَّةِ يُلحِفُ |
|