أخيراً أُميط اللثام وعُرف مَنْ يُدعِّم نوري المالكي ليتشبث بمنصب رئاسة الحكومة العراقية، المنصب الذي يجعل منه الزعيم الوريث لصدام وعبدالكريم قاسم ونوري السعيد وكل الزعماء العراقيين السابقين، الذين يظهر أنهم أرسوا ثقافة الدكتاتورية والزعامة المقدسة؛ فما إن يجلس على كرسي الرئاسة - ولا يهم أن يكون رئيساً للجمهورية أو الحكومة - إلا ويفعل كل ما يستطيع للاحتفاظ بهذا الكرسي!!
هكذا يفعل نوري المالكي الذي يردِّد بأنه لا يوجد أفضل منه لمنصب رئاسة الحكومة!.. وكأن أمهات العراق قد أُصبن بالعقم!! فلم يَعُدْنَ يَلِدْنَ رجالاً قادرين على إدارة العراق الذي قدَّم للبشرية أول مدونة للقوانين والحُكْم العادل..!!
أحفاد حامورابي لا يوجد بينهم سوى المالكي ليحكمهم!! تلك والله لنكتة.. من أفعال الكوميديا المأساوية..!!
المهم مَنْ الذي يدعِّم المالكي ويضغط على العراقيين للقبول به حاكماً مطلقاً آخر؟
كنا نظن، وكثير منا كذلك، أن الإيرانيين وحدهم مَنْ يريدون بقاء المالكي؛ لأنه حقق لهم كلَّ ما يريدون ويطلبون، وأن وزارته تضم وزراء يعتبرون إيران صاحبة فضل عليهم، وعليهم أن يردوا الدَّين حتى على حساب وطنهم العراق..!! كنا نظن ذلك حتى جاء من داخل العراق وخارجه ما يؤكد أن الأمريكيين، أصحاب الأمر الناهي في عراق اليوم، يصرون على بقاء المالكي، وأن الرئيس أوباما شخصياً أرسل رسالة (شفاعة) إلى مرجع الشيعة في العراق علي السيستاني يطلب منه دعم بقاء نوري المالكي رئيساً للحكومة..!!!
العراقيون، وحتى الذين كانوا متحالفين مع المالكي، صاحوا عندما علموا بموضوع رسالة أوباما إلى السيستاني.. حتى أنت يا أوباما..!!! هكذا صاح عمار الحكيم.. وكذلك فعل مقتدى الصدر.. أما مَنْ كان يُعتقد بأنه حليف الأمريكيين «أياد علاوي» فلم يبقَ له إلا أن يشق قميصه وينضم إلى مواكب (اللطم) - واللطم بلهجة العراقيين ضرب الصدور - على هذا التحالف الأمريكي الإيراني لإبقاء العراق في دائرة حياة القرون الوسطى مثلما توعد المحافظون الجدد الأمريكيون بذلك؛ فأتى أوباما ليُحقِّق هذا، وبالتفاهم مع الإيرانيين!!
jaser@al-jazirah.com.sa