نشرت الصحف قبل أيام عن شيء اسمه (حرب أسعار السلع).. وقالت.. إن حرباً نشبت بين بعض تجار المواد الغذائية وما شابهها أدى إلى تخفيض ظاهر في أسعارها وأعطت نسباً لذلك.. وهي نسبة جيدة..
وقالت الصحف.. إن منافسة احتدمت بين بعض التجار تشبه المنافسة التي صاحبت (حرب الألبان) وحرب (البيض) و(حرب الدجاج) قبل سنوات.. وإن نتائج هذه الحرب.. أسفرت عن خفض واضح في أسعار المواد الاستهلاكية حتى يحظى كل تاجر بنصيب الأسد في المبيعات.
هذه الحرب.. وما نتج عنها من حسومات ظاهرة.. لنا معها بعض النقاط..
الأولى.. أن هذا الانخفاض.. وهذا التراجع في أسعار المواد الاستهلاكية.. وهذه الخصومات من التجار.. لم تكن منحة من التجار.. ولا مواقف وطنية منهم.. ولا تضحية.. ولا اهتمام بالمواطن.. وليس إسهاماً منهم في أي جهد وطني.. ولا لسواد عيوننا.. بل هو مجرد منافسة وحرب أسعار ومحاولة لجذب أكبر قدر ممكن من المشترين.. نتج عنها.. هذا التراجع الاضطراري في الأسعار وإلا.. فإن (تجارنا) سيحاولون القفز بالأسعار مجدداً.. فور انتهاء هذه الحرب المستعرة.. التي نسأل الله أن يطول أمدها.
الثانية.. أن هذه الحسومات الكبيرة في الأسعار.. وهذه النسب التي أعلنت.. تعكس لنا.. كم يربح هؤلاء التجار؟! وكم من النسب التي يحصلون عليها كأرباح.. لدرجة أنهم أجروا حسومات كبيرة على المبيعات.. ومع ذلك.. هناك هامش ربح.. فكم كانوا يربحون في السابق؟
الثالثة.. أن وزارة التجارة.. تبدو غائبة دائماً.. وتبدو في أكثر الأحيان.. مجرد متفرجة.. وليس بوسعها أن تعمل شيئاً.. وهكذا حماية المستهلك.. هي أيضاً.. في موقف المتفرج.. وتجارنا بالطبع.. يدركون هذه المسألة.. ولهذا فهم مرتاحون تماماً من هذا الجانب.. ويشكرون وزارة التجارة على هذا الصدود.. وهذا التطنيش.
ونحن لا ندري.. أي تجارة تعنى بها الوزارة.. إذا لم تكن تجارة المواد الاستهلاكية (التي تهم المواطن بالدرجة الأولى) على قائمة اهتماماتها؟!
وتجارنا.. كلهم يعرفون الوزارة.. ويعرفون مواقفها.. ويدركون حجم ضعفها.. ويدركون أيضاً.. أنها أكثر الوزارات غياباً.. ولهذا.. فهم مطمئنون من هذه الناحية تماماً.
الرابعة.. وهي حجم خطورة إخضاع المواد الاستهلاكية والمواد الغذائية لحروب أسعار.. لأن ذلك قد يجرؤ معه التجار على تجفيف الأسواق من البضائع (ومن يقدر على ردعهم؟!) فالوزارة في (المِخْبَا) وحماية المستهلك (لا تهشّ ولا تنشّ) ولهم سابق تجربة في الحديد والشعير والقمح والإسمنت وغيرها.. فقد ملؤوا مخازنهم منها وأغلقوها وقالوا (ما عندنا شيء؟!) حتى طارت الأسعار مرات ومرات.. ثم عادوا وضخوها على استحياء.. للمحافظة على الأسعار العالية جداً.
فتجارنا الكرام.. قد يسحبون الأرز.. وقد يسحبون السكر والزيت.. ومن يمنعهم أو يقول لهم (لا؟!).
حرب الأسعار تلك.. تحمل لنا العديد من الدروس.. ولابد للخبراء (أمْحَق خبراء) من دراستها ودراسة أبعادها وخطورتها.. فهي تتعلق بمواد أساسية خطيرة.. كالغذاء وما في حكمه.
فهل نسمع عن نظام عقوبات صارمة بحق تجارنا.. الذين تعودنا منهم مواقف مشابهة لهذه الزوبعات.. والضحية.. المستهلك المسكين.. الذي لايدري (من وين يلاقيها؟!).. من الكهرباء.. أم من الهاتف أم من الصندوق العقاري.. أم من المخالفات والغرامات والرسوم؟!.
كان الله في عون المسكين.. (الِّلي ما يدري.. من هو في يده).