Al Jazirah NewsPaper Wednesday  04/08/2010 G Issue 13824
الاربعاء 23 شعبان 1431   العدد  13824
 
... ونجحت جولة خادم الحرمين الشريفين
عبدالله محمد القاق

 

يمكن القول بمزيد من الثقة والتفاؤل إن جولة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود إلى كل من مصر وسوريا ولبنان والأردن قد حققت أهدافها على المستويين الوطني والقومي سواء لجهة دعم وتعزيز التضامن العربي ونبذ الخلافات العربية القائمة حاليا أو لجهة تحقيق السلم الأهلي للبنان خاصة وأن هذه الزيارات الناجحة لجلالته جاءت بعد أن استشعر جلالته بخطورة الموقف على الساحتين العربية واللبنانية لاسيما بعد استمرار الغطرسة والصلف والإجراءات القمعية والتشريدية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وفي إقامة المستوطنات وانتهاك حرمات المقدسات الإسلامية في مدينة القدس الشريف، وكذلك رغبة جلالته في تحقيق السلم الأهلي في لبنان انطلاقا من اتفاقية الطائف التي أشاعت الأمن والأمان في لبنان منذ أكثر من عقدين من الزمان.

هذه الجولة لخادم الحرمين الشريفين اكتسبت أهمية خاصة من ناحية بحث العديد من الملفات الإقليمية وفي مقدمتها الأوضاع الراهنة في فلسطين ولبنان والعراق وإيران والسبل الكفيلة بتحريك عملية السلام وفقاً لمبادرة السلام العربية وحل الدولتين، خاصة وأن المبادرة العربية التي كانت المملكة العربية السعودية قد أطلقتها وتبنتها قمة بيروت العربية عام 2003 تنص على تطبيع الدول العربية لعلاقاتها مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 وهذه الزيارة التي تُعد الثانية لخادم الحرمين الشريفين للأردن بعد توليه عرش المملكة العربية السعودية جاءت في إطار التنسيق والتشاور المستمر مع عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني وحرص الزعيمين المشترك على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستويات أرحب وأوسع تحقيقاً لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.

ولقد شهدت العلاقات الأردنية السعودية تقدماً وازدهاراً ملحوظين في مختلف المجالات خاصة وأن هذه الوشائج القوية تؤكد عمق العلاقات الثنائية والتي تمثل عنصر ثبات واستقرار، كما أنها علامة مميزة في علاقات الأخوة والجوار؛ لكونها تحظى بعلاقات إستراتيجية وأخوية متميزة عبر كل السنين.

وهذه الزيارة التي يعلق عليها الكثيرون آمالا كبيرة في الخروج من الوضع العربي المتردي سواء أكان لجهة تحقيق المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس لمواجهة تحديات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة ضد الفلسطينيين، أو إمكانية تفاقم الأوضاع في لبنان بسب المحكمة الدولية، أو الأوضاع في دارفور، وقرارات الدول الأوروبية بشأن تجديد العقوبات على إيران بسبب ملفها النووي وغير ذلك.. من شأنها أن تسهم بدور بارز في مهمة إعادة الاستقرار للمنطقة والضغط على الولايات المتحدة والدول الأوروبية لإجبار إسرائيل للرضوخ إلى القرارات الشرعية الدولية، والحؤول دون استمرار تهربها من استحقاقات السلام والالتزام بالإجماع الدولي المتمثل بما سمي برؤية أوباما الجديدة للسلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة إلى جانب إسرائيل بغية اعتماد مرجعيات السلام وكل قرارات الشرعية الدولية لبدء المفاوضات المباشرة مع إسرائيل.

وأهمية الزيارة أنها ستسهم في تفعيل أسس التشاور والتنسيق المشترك لأنها تصب في أهداف رئيسة، منها تعزيز وحدة الصف، والتضامن العربي في مواجهة التحديات والظروف الراهنة الصعبة والدقيقة، ودعم الشعب الفلسطيني ورفع الحصار المفروض عليه لتمكين هذا الجانب من مواصلة دوره الريادي في الحياة الحرة ومواجهة الاحتلال خاصة وأن الأوضاع المتردية في الأراضي المحتلة وتراجع دور مؤسسات الخدمات في الأراضي الفلسطينية وفي قطاع غزة بشكل بارز تستدعي العمل لدفع المعاناة عن سكان القطاع وتحسين ظروف معيشتهم.

ولعل إنشاء مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز السكنية لذوي الدخل المحدود والمتدني في الزرقاء ستسهم بشكل كبير كما أبلغني وزير التجارة والصناعة الأردني السيد عامر الحديدي ورئيس جامعة الزرقاء الخاصة البروفسور الدكتور زكريا صيام أمس في توفير السكن للمواطنين المحتاجين وتحسين الواقع الصحي لهم لما تتمتع به من خدمات ذات نوعية وجودة عالية وتوفير المرافق الشبابية التي تساعد على التميز والإبداع، هذا المشروع الرائد والذي يثمنه الشعب الأردني لمكرمة خادم الحرمين الشريفين التي تضاف إلى العديد من مكارمه ومبادراته الخلاَّقة العربية والإسلامية تبلغ مساحته نحو (21) ألف دونم ويشتمل على وحدات ومبان سكنية تتراوح مساحتها بين 100 - 160 مترا مربعاً ويصل عددها نحو 70 ألف وحدة يستفيد منها حوالي 370 ألف مواطن بالإضافة إلى إنشاء مرافق تجارية ومصارف ومكاتب خدمات للقطاع الخاص.

والواقع أن هذه الزيارة والمباحثات بين الزعماء العرب الأربعة على جانب كبير من الأهمية، لأن السعودية نظرا لمواقفها الوطنية والقومية المعروفة وبعد نظر وحكمة وحنكة خادم الحرمين الشريفين والقيادة الرائدة والناجحة في سياستها العربية والدولية قد آلت على نفسها أن تكون عوناً لشقيقاتها الدول العربية والإسلامية في مختلف المجالات، وذلك من أجل تحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة وتعزيز التضامن ونبذ الخلافات ورفض سياسة الإرهاب وتجسيد سياسة التسامح والوسطية والاعتدال، وهذا ما ينتهجه الزعيمان الأردني والسعودي في إستراتيجيتهما من أجل تحقيق أسباب الوحدة والتلاحم وتنسيق المواقف حيال القضايا الساخنة على الساحتين العربية والدولية وحل الخلافات والإشكالات تحت المظلة العربية بروح أخوية صادقة لما يتمتع به القائدان الكبيران من حكمة وبعد نظر ومصداقية أمام العالم.

* مراسل الجزيرة بالأردن
خاص بـ(الجزيرة)


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد