تبدو قضية صغيرة ولطيفة ودقيقة لكنها في الواقع ليست كذلك، ويبدو أنها شيء ساذج أن تتحدث عن رزمة من الأوراق تدسّها الشركات الإعلانية تحت الأبواب لأنّ هذا من تضييع وقت القارئ، لكني أرى أنّ الموضوع يستحق الحديث فما هي القضية وما هي المشكلة؟!
القضية أنّ كثيراً من الشركات الإعلانية وبعض المتاجر تقوم بتكليف أحد عمالها بالدوران على أبواب البيوت في الأحياء ودسّ مجموعة كبيرة من الإعلانات بهدف الوصول إلى سكان المنزل كشريحة مستهدفة من ترويجها لمنتجاتها ومبيعاتها، ورغم أنّ هذه الطريقة التسويقية معروفة في كثير من البلدان، لكنها بالفعل تبدو لي شيئاً مسيئاً لنا وهذه بعض الأسباب:
- سلب لحقوق وسائل الدعاية والإعلان المشروعة والتي تدفع رسوماً، ولديها موظفون سعوديون مقابل واحد «آسيوي» مرمي في الأحياء يدس هذه الأوراق في البيوت.
- إنّ دس هذه الأوراق هذا اليوم وغداً وبعد غد، إشارة واضحة لمجموعات المراهقين بأنّ هذا البيت لا ساكن فيه بسبب إهمال هذه الأوراق خاصة في فصل الصيف، وهي فرصة ممتازة للقفز على البيوت التي تظهر أن لا أحد فيها بسبب تراكم الإعلانات على الأبواب.
- إساءة للحي فكثير من الأوراق تتطاير وعامل يدس الأوراق وآخر ينظف الشارع!!
- عماله شبه سائبة «تحوس» في الأحياء مرة ومرتين وثلاث مرات لتتواصل مع خادمات أو تتعرّف على البيوت وطرق الوصول غير المشروع إليها.
- إساءة اقتصادية لمنشآت قائمة مثل البريد الذي يجب أن يأخذ على عاتقه توزيع مثل هذه المطبوعات، ومن الممكن أن يحوّل البريد من مؤسسة خاسرة أو ذات أرباح قليلة إلى مؤسسة مربحة!
- إساءة للصحف الورقية التي خسرت مساحة إعلان نظامية كبيرة جداً، وخسارة للمواقع الإلكترونية التي كان من المفترض أن يكون لها نصيب من هذا الزخم الإعلاني وخسارة أخرى على مؤسسات أخرى يطول الحديث عنها.
- لا يمكن التحكم بالمواد المزروعة في بيوتنا، فكثير من الإعلانات لا يرغب الأهل في وصولها لأطفالهم، وهذا انتهاك للخصوصية، فما بال الفقير الذي تصل إليه هذه الإعلانات فتكسر خواطر أطفاله ونساءه، عروض مغرية وقلّة يده من المال، ناهيك أنها من الممكن أن تكون وسيلة لنشر الفكر الضال بحسن نية أو سوء نية، ولعل هذه أعظم الأثافي وأشنعها! القضية ليست صغيرة في نظري، ولذلك يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، فالأشياء الصغيرة قد يتولّد منها أشياء كبيرة خطيرة ومؤذية إن لم نتداركها قبل أن تتحوّل إلى حق مكتسب للشركات أن تصل للبيوت مباشرة بلا رقيب ولا حسيب ولا أحد يتابعها! وأيضا: أهم ضابط في الموضوع استئذان صاحب البيت وأن يملك حق إيقافها في أي لحظة، وكذلك التحكم في نوعيتها وفق رغبته لا أن تُقتحم خلوة بيته وتعريضه وأسرته للخطر بسبب هذه الوريقات.
يشترك في هذه القضية: الأمن العام، والإعلام، وإمارات المناطق، وكثير من الجهات الحكومية والأهلية كالصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية ووكالات الإعلان وغيره.
www.salmogren.com